قال رئيس الحكومة الإيطالي جوسيبي كونتي لبي بي سي إن الاتحاد الأوروبي يواجه خطر الفشل كمشروع نتيجة تفشي فيروس كورونا.

وقال كونتي إن على الاتحاد التدخل بشكل كاف ومنسق لمساعدة الدول الأوروبية الأكثر تضررا بالوباء.

فيروس كورونا “قد يقضي على مشروع الاتحاد الأوروبي”

وأضاف أن على الاتحاد الأوروبي أن يواجه هذا التحدي الذي وصفه “بأكبر اختبار منذ الحرب العالمية الثانية”.

وأدلى كونتي بهذه التصريحات في أول لقاء له مع بي بي سي منذ تفشي الوباء في إيطاليا قبل 7 أسابيع.

يذكر أن إيطاليا وعددا من الدول الأوروبية الأخرى يحاولون دفع الدول الأكثر ثراء وترددا في الانفاق في الإتحاد لإصدار “سندات كورونا” التي تعمم الديون على كل الدول الأعضاء. ومن الدول التي تعارض هذه الفكرة بقوة هولندا، مما أدى إلى خلافات بين وزراء مالية منطقة اليورو.

وقال رئيس الحكومة الإيطالية لبي بي سي إن الزعماء الأوروبيين “على موعد مع التاريخ” لا ينبغي لهم التخلي عنه.

وقال “إذا لم نغتنم الفرصة من أجل بعث حياة جديدة في المشروع الأوروبي، فإن هناك مخاطر حقيقية بفشل المشروع برمته “.

في غضون ذلك، تتباطأ سرعة انتشار الوباء في إيطاليا، فأحدث الأرقام تشير إلى أن نسبة زيادة حالات الإصابة المؤكدة بالفيروس ارتفعت عن اليوم السابق بأكثر من 1 في المئة بقليل. وكانت النسبة قبل اسبوعين تناهز الـ 7 في المئة.

ويبدو أن عدد الوفيات يسير نحو التناقص أيضا، من 919 يوميا قبل أسبوعين إلى 542 في الساعات الـ 24 الأخيرة. ولكن كونتي حذّر من التقاعس وقال إن الإغلاق العام الذي فرض في التاسع من الشهر الماضي لن يرفع إلا بالتدريج.

وقال كونتي “علينا اختيار القطاعات التي بإمكانها استئناف نشاطاتها. وقد نبدأ في تخفيف بعض الإجراءات بحلول نهاية هذا الشهر إذا أكد العلماء إمكانية ذلك”.

وكان كثيرون قد أثنوا على كونتي بسبب الطريقة التي تعاملت بها حكومته مع الوباء، وأظهر استطلاع أجري مؤخرا أن شعبيته في إيطاليا ارتفعت من 46 إلى 71 في المئة. ولكن منتقدين يقولون إن القيود التي فرضت في الأيام الأولى لانتشار الوياء كانت بطيئة واعتباطية.

وكان كونتي عارض طلب بعض السياسيين في منطقة لومباردي الشمالية الأكثر تضررا من الوباء بفرض اجراءات أكثر شدة وبشكل أسرع. وعندما زار وفد من الصليب الأحمر الصيني مدينة ميلانو الشمالية في أواسط الشهر الماضي، انتقد بشدة ما اعتبره ضعف اجراءات الإغلاق الإيطالية.

ولكن كونتي دافع عن الخطوات التي اتخذتها حكومته وقال “إذا أعيدت الكرة، سأتخذ نفس الإجراءات. فنظامنا مختلف تماما عن النظام في الصين. فبالنسبة لنا كان قرار الحد من الحريات الدستورية بشكل كبير أمرا كان ينبغي علينا التفكير فيه بتأن كبير. ولو كنت طالبت باغلاق كامل أو الحد من الحريات الدستورية منذ البداية لكان الناس اعتبروني مجنونا”.

وتصر إيطاليا على أن سبب ضخامة عدد حالات الإصابة بالفيروس في البلاد يعود إلى كثرة عدد الفحوص التي أجريت.

فبينما تجري بريطانيا الآن 14 ألف فحص يوميا، يبلغ عدد الفحوص ألتي تجريها إيطاليا ضعف ذلك، فقد أجري أكثر من 50 ألف فحص يوم أمس.

ورفض كونتي انتقاد أي بلد آخر بشكل مباشر لقلة الفحوص التي يجريها، ولكنه شبّه هذا السلوك “بالتأقلم مع الموقف في الظلام”.

وأدى الانخفاض التدريجي في عدد الإصابات إلى تخفيف الضغط عن وحدات العناية المركزة في عموم إيطاليا، ولو أن الوحدات الموجودة في لومباردي وبعض المناطق الأخرى ما زالت تعمل بطاقتها القصوى تقريبا.

وتضرر النظام الصحي إلى حد كبير، إذ توفي نحو 100 طبيب نتيجة الإصابة بالوباء.

وأرسلت عدة دول، منها الصين وكوبا وروسيا فرق طبية ومعدات إلى إيطاليا لمساعدتها في التصدي للفيروس.

واستغلت روسيا هذا الوضع في علاقاتها العامة، وكتبت على المساعدات التي أرسلتها عبارة “من روسيا مع الحب”. وبث التلفزيون الروسي الرسمي شريطا لرجل إيطالي يستبدل بعلم الإتحاد الأوروبي علم روسيا.

ولكن كونتي رفض بشدة الفكرة القائلة إن المساعدات الروسية كانت مشروطة، وإن أحد شروطها دعم إيطاليا لرفع العقوبات الأوروبية المفروضة على موسكو.

وقال “إن مجرد التلميح بذلك إهانة كبيرة لي، وهي إهانة للحكومة الإيطالية وكذلك لفلاديمير بوتين الذي لا يحلم باستغلال الموقف للضغط علينا”.

ولكن الحقيقة التي لا مفر منها تقول إن إيطاليا الآن بحاجة إلى كل صديق ممكن، إذ تشير التوقعات الأخيرة إلى أن اقتصادها سينكمش بنسبة 11 في المئة نتيجة الوباء، وأن الدين القومي سيرتفع إلى مستويات لا يمكن تحملها.

ووصف كونتي الوضع الحالي بأنه “حالة طوارئ اقتصادية واجتماعية” تشكل ضغطا على الهياكل المالية لكل بلد. وثمة تقارير تقول إن عددا من المتاجر في الجنوب الإيطالي قد تعرضت للسطو. فبعد أربعة أسابيع من الإغلاق، بدأ صبر الإيطاليين بالنفاد.

وباستمرار الأزمة، يزداد الإنهاك الذي يشعر به الإيطاليون جراء العدد الكبير من الوفيات التي تحصل كل يوم. وقد يكون هناك أمل بأن أسوأ أيام الأزمة قد مرّت، ولكن البلاد ستحتاج إلى جيل كامل قبل أن تتماثل للشفاء.

وقال كونتي “أشعر بآلام الجرح الغائر الذي أصاب البلاد، فخلف الأرقام والإحصاءات هناك أسماء وألقاب وقصص حياة وأسر مهشمة. إن الأمة الإيطالية تعاني”.


المصدر: بي بي سي عربي

By Admin