في حدث فلكي نادر يرى مرة واحدة في العمر، سيلتقي وسط سماء صافية مساء الاثنين أكبر كوكبين في منظومتنا الشمسية؛ المشتري وزحل، وسيبدوان وكأنهما يصبحان كوكبا واحدا في ما يعرف بظاهرة الاقتران العظيم التي تتزامن مع الانقلاب الشتوي.
ويحدث الاقتران العظيم حين يتقاطع مسارا الكوكبين ويصبحان قريبين من بعضهما البعض لدرجة أنهما سيظهران في السماء كما لو أنهما يتلامسان، فيعطيان الانطباع بأنهما مندمجان ويسطعان ككوكب واحد.
وستكون تلك اللحظة الأكثر قربا بين الكوكبين والتي لم تحدث منذ عام 1623.
ولكن عند العودة إلى تلك اللحظة في الماضي، جعل قرب كوكبنا من الشمس من الصعب رؤية هذا الاقتران.
“علينا العودة إلى عام 1226 عندما كان الكوكبان في وضع أقرب من هذا ومرئيين من أيرلندا” بحسب الرابطة الفلكية الأيرلندية.
وتضيف الرابطة “إذا كنت محظوظا بشكل كاف بوجود سماء صافية ستكون قادرا على رؤية هذا الحدث بالعين المجردة في الساعة 17.00 بتوقيت غرينيتش. وأذا كان لديك منظار جيد فسترى أيضا بعضا من أقمار المشتري الأربعة اللامعة”.
وتُعرف هذه بأقمار غاليليو، إذ رصدها عالم الفلك الإيطالي غاليليو غاليلي عام 1610 باستخدام التلكسوب الجديد الذي اخترعه قبل ذلك بشهور قليلة.
وكانت أول الأجسام التي وجدت تدور حول جسم غير الشمس أو الأرض تتم رؤيتها وقد أطلق عليها أسماء آيو وأوروبا وغانيميد وكاليستو. وقد استمد هذه التسميات من الميثولوجيا الإغريقية واختار أربعة من عشيقات الأله زيوس، “أبو الآلهة والبشر” الذي يحكم جبل الأولمب في هذه الميثولوجيا.
وتوضح الرابطة أنك “باستخدام التلسكوب ستكون قادرا على رؤية تايتن (يكتب أحيانا تيتان) أكبر أقمار زحل”، مشددة على أنك يجب أن تختار مكانا يكون أقل إضاءة ويطل على أفق مفتوح يسمح برؤية السماء الصافية.
ويمكن رؤية ظاهرة الاقتران هذه من كل أنحاء العالم. ويقول الفلكي ديفيد مور “بعد غروب الشمس مباشرة أنظر نحو الجنوب الغربي أو نحو الموضع الذي غربت منه الشمس”.
ويضيف: “في الواقع، لا يكون الكوكبان أكثر لمعانا، ولكن اقترابهما من بعضهما سيجعلهما يبدوان أكثر التماعا في السماء ضمن مدى محدود”.
بالنسبة للعين المجردة، سيبدو الكوكبان على مسافة أقل من زاوية 0.1 درجة، لكنها في الواقع خدعة منظور. إذ أن المسافة بين الأرض والمشتري حالياً تزيد عن 800 مليون كم ( وإن كان ذلك يتباين وفقاً للموقع المداري لكل منهما)، كما تفصل مسافة مماثلة تقريباً بين المشتري وزحل.
غير أنه ومنذ أشهر، بدا الكوكبان الغازيان العملاقان يتجهان نحو بعضهما البعض في سمائنا ليلا، إلى أن ” يتقابلا” في النهاية.
ويحدث اقتران المشتري وزحل مرة كل 19.6 سنة تقريبا، “غير أن هذه المرة تحمل خصوصية، لأن اقتران 2020 سيكون الأقرب منذ أوائل القرن السابع عشر.
وسيقترب المشتري وزحل مرة بمثل هذا القرب مرة أخرى في عام 2080، ولكن بحسب الرابطة الفلكية سيكون “من الصعب جدا رؤية ذلك لأنهما سيكونان في شفق الفجر”.
وستكون المرة التالية التي يمكن رؤية هذه الظاهرة فيها في 24 أغسطس/آب عام 2414.
ويقول إد بلومر عالم الفلك في مرصد غرينتش الملكي: : “لا عجب أن علماء الفلك وهواة مشاهدة النجوم متحمسون للغاية هذه المرة. إنها أكثر من فرصة تحدث مرة واحدة في العمر!”.
ويضيف إد: “مشاهدة هذه الميكانيكا السماوية سلطت الضوء على العمليات الفيزيائية التي تقف وراءها ، ووضعت إطاراً لم يسمح فقط بفهم المزيد عن الكون، بل ساهم في تطورات علمية وابتكارات لا حصر لها هنا على الأرض”.
وفي حال كانت السماء صافية، سيكون من السهل رؤية الظاهرة، لكن عليك أن تسرع إن كنت تريد اللحاق بها، فلديك ساعة واحدة قبل أن يختفي الكوكبان في الأفق.
ويفضل أن تخطط مسبقا وتحاول مراقبة موضعهما لبضع ليالٍ -وهي تسلية رائعة في حد ذاتها- حتى تعلم أين تجدهما تحديدا، وذلك على ارتفاع منخفض في الأفق الجنوبي الغربي، بعد غروب الشمس بنصف ساعة.
وهناك ميزة إضافية، وهي أن 21 ديسمبر/ كانون الأول هو أيضاً موعد الانقلاب الشمسي، أي أول أيام الصيف في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية، والشتاء في النصف الشمالي.