يعتبر العلماء أن الإنسان ليس استثناء، فهو مثله مثل أي شيء على وجه الكرة الأرضية، يتعرض للكثير من الظواهر الطبيعية ويندمج معها، منها كائن يعيش على وجه البشر بشكل مستمر.

ويشير العلماء إلى أن معظم الناس على الأرض هم موائل للعث الذي يقضي معظم حياته القصيرة، داخل حفرة رأسا على عقب، يعيش على بشرتنا، خصوصا على وجه الإنسان.

وبحسب المقال المنشور في مجلة “sciencealert” العلمية، فإن وجه الإنسان هو الموطن الأساسي والوحيد أيضا لعث “Demodex folliculorum”، حيث يعيش منقلبا رأسا على عقب في حفر أو في بصيلات الشعر، ويتكاثر ويتزاوج ويموت على وجوهنا.

وتعتمد دورة حياة هذا العث بأكملها على مضغ خلايا الجلد الميتة قبل قذف البقايا الصغيرة جدا.

يعتمد “Demodex folliculorum” على البشر بشكل أساسي للبقاء على قيد الحياة، حيث اقترح بحث جديد أن هذا العث المجهري تطور من “طفيلي خارجي إلى متعايش داخلي” على وجه الإنسان، حيث يشترك مع البشر في علاقة منفعة متبادلة.

بعبارة أخرى، يندمج هذا العث تدريجياً مع أجسادنا بحيث يعيش الآن بشكل دائم في داخلنا، أي داخل سطح جلدنا.

وقام العلماء الآن بدراسة تسلسل جينومات هذه “الوحوش الصغيرة” المنتشرة في كل مكان على سطح جلدنا، وأظهرت النتائج أن “وجوده الذي ارتكزعلى الإنسان أحدث تغييرات لم نشهدها في أنواع العث الأخرى”.

“وجدنا أن هذا العث لديه ترتيب مختلف لجينات أجزاء الجسم عن الأنواع الأخرى المماثلة نظرا لتكيفها مع حياة محمية داخل المسام (مسام الوجه)، أدت هذه التغييرات في الحمض النووي الخاص بهم إلى بعض سمات الجسم والسلوكيات غير العادية”.

ويعتبر “الجريبات” أو “Demodex folliculorum” في الواقع مخلوق صغير رائع، وتعد مخلفات جلد الإنسان مصدر الغذاء الوحيد له، وهو يقضي معظم عمره الذي يبلغ أسبوعين في السعي وراءه.

ولا يظهر هذا العث إلا في الليل، وتحديدا في جنح الظلام، “ليزحفوا ببطء شديد عبر الجلد للعثور على رفيقة، ويجتمعوا قبل العودة إلى الظلام الآمن للجريب الخاص بهم”.

ويبلغ طول جسم هذا العث الصغير ثلث ملليمتر فقط، مع مجموعة من الأرجل الصغيرة وفم في أحد طرفي الجسم الطويل الذي يشبه النقانق، وهو جسم مناسب تماما لحفر بصيلات شعر الإنسان للوصول إلى “البقايا اللذيذة فيها”.

ونظرا لأن حياته مليئة بالحيوية، ليس لديه حيوانات مفترسة طبيعية ولا منافسة، ولا تعرض للعث آخر، لذلك انخفض “جينومهم” (المادة الوراثية) إلى الأساسيات فقط.

وتعمل أرجلهم بواسطة ثلاث عضلات وحيدة الخلية، وتحتوي أجسامهم على الحد الأدنى المطلق من البروتينات، وهي المطلوبة للبقاء على قيد الحياة فقط، وهو أقل عدد شوهد على الإطلاق.

وكما يعتبر هذا الجينوم المختزل، سبب خروجه في الليل فقط، لأنه من بين الجينات المفقودة تلك المسؤولة عن الحماية من الأشعة فوق البنفسجية، وتلك التي توقظ الحيوانات في وضح النهار، بالإضافة إلى عدم وجود دورة نوم لديهم.

وعلى عكس أنواع العث الأخرى، تحركت أعضائه التناسلية باتجاه الجزء الأمامي من جسمه، ووجد العلماء أيضا أنه في مرحلة تطور “الحورية”، أي بين اليرقة والبلوغ، يكون لدى العث أكبر عدد من الخلايا في أجسامه، وعندما ينتقلون إلى مرحلة البلوغ، يفقدون الخلايا، وهي الخطوة التطورية الأولى، كما قال الباحثون، في مسيرة الأنواع المفصلية إلى أسلوب حياة تكافلي.

“تم إلقاء اللوم على العث في الكثير من الأشياء. لكن ارتباطه الطويل مع البشر قد يوحي بأنه يمكن أن يكون له أيضا أدوار مفيدة بسيطة ولكنها مهمة، على سبيل المثال، في الحفاظ على مسام وجهنا غير مغلقة”.

اعتقد العلماء سابقا أن هذا العث لا يملك فتحة شرج، وبدلا من ذلك تتراكم النفايات في الجسم لتنفجر عند موته، وبالتالي تسبب مشاكل جلدية للبشر، لكن الباحثون اكتشفوا شيئا جديدا، حيث وجدت بالفعل ثقوب صغيرة جدًا، أي أن “وجوهنا مليئة ببرازه” بحسب توصيف المقال.

المصدر

By Lars