أمر الله تعالى الأبناء ببر والديهم ، ولأنه تعالى يأمر بالعدل والإحسان فقد أمر سبحانه وتعالى الآباء أيضًا أن يعدلوا بين أبنائهم حتى في القبلة على رأس الطفل ، وقد حدد الله تعالى في كتابه العزيز طريقة تقسيم المواريث بعد الموت ، لذلك لا يجب على الآباء أن يهبوا أموالهم خلال حياتهم لأحد أبنائهم دون الآخرين ، وهذه القصة عن قيام أحد الآباء بتمييز ابنه الصبي على بناته تحمل بداخلها عبرة وعظة كبيرة .
تحكي القصة عن رجل ميسور الحال كان له خمسة من الأبناء ، أربعة فتيات وصبي واحد، فكان هذا الأب يميز في معالة الصبي منذ صغره وكان يبدي الحب والعطف تجاهه أكثر من البنات ويلبي له كل رغباته ، حتى كبر الأبناء وتزوجت البنات وقرر الرجل أن يزوج ابنه في سن مبكر .
وبعد أن ماتت زوجة الرجل وسوس له الشطان بأنه بعد أن يموت فإن جزء من أمواله سوف يذهب إلى أزواج بناته وهم أغراب عنه وأن ولده أولى بأمواله ، فقرر أن يكتب كل ما يملك لابنه وألا يترك أي قرش من ثروته لأيًا من بناته ويكفي إنفاقه عليهن حتى تزوجن .
بعد أن نقل الرجل كل أمواله باسم ابنه الوحيد والذي كان يعيش معه في نفس المنزل ، لاحظ أن معاملة ابنه وزوجته له قد تغيرت ، وكان كلما طلب من زوجة ابنه طلب كانت تشعر بالضيق منه وترد عليه بغلظة ، وعندما اشتكى الرجل لابنه عنفه بقسوة وأخبره أنه إذا استمر في أفعاله فإن زوجته قد تغضب وتترك له المنزل وأنه لن يسمح له بعمل ذلك .
وفي أحد الأيام ذهب الرجل إلى أحد المحلات التي كانت ملكه في السابق لكنه أعطاه لابنه ، وطلب من العامل بعض من أموال المحل ، لكن العامل أخبر الابن بذلك فحضر الابن بسرعة وعنف أبيه بشدة أمام العمال ، فلما حاول الأب أن يرد على ابنه رفع يده وضرب والده .
شعر لأب بالحسرة لأنه ميز ابنه على باقي إخوته ، وكان كل أهل القرية قد علموا بما حدث للأب ، ووصلت الأخبار إلى أحد أزواج بناته الذي كان يعيش في قرية مجاورة ، وعلى الفور ذهبت الابنة ومعها زوجها إلى منزل أبيها وطلبت منه أن يذهب ليعيش معها في منزلها ، وقد فرح الابن وزوجته كثيرًا لأنه سوف يرتاح من رعاية والده العجوز بالرغم من أنه كان المفضل لديه طوال حياته .
عاش الأب في منزل ابنته ولاقى معاملة كريمة من زوج ابنته وقد لبوا له كل احتياجاته دون ضجر أو غضب ، ولكنه كان يشعر بالخجل في نفسه ، فقد منح كل الأموال التي جمعها طوال حياته لابنه العاق ، بينما لن يبقى أي شيء لبناته ليروه بعد فاته ، ومع ذلك فإن ابنته وزوجها أكرماه بينما طرده ابنه .
ومع مرور الوقت قام الابن بخسارة معظم المال الذي تركه والده وضاق به الحال وبدأت زوجته تشعر بالضجر منه ، كما أن ابنه الصغير علم بما فعله بجده من أهل القرية فغضب من والديه وغادر المنزل ، شعر الابن أن الدنيا قد ضاقت أمامه وأيقن أنه قد لاقى عقابه بسبب ما فعله بوالده . على الفور قرر أن يذهب لمنزل أخته ليطب العفو من والده ، فوجد ابنه هناك يجلس مع جده ، اعتذر الرجل من والده وطلب منه أن يعود معه إلى منزله ، فأخبره الأب أنه قد سامحه لكنه سوف يظل عند ابنته ، ومع الوقت بدأ الابن يعمل من جديد حتى استعاد الأموال التي تركها له أبيه ، وقرر أن يعيدها لوالده حتى يتم تقسيمها بينه وبين أخواته بالعدل بعد وفاة والده .