أجبرتها الظروف القاسية التي وُضعت بها على الهروب خارج بلادها ، لتعيش غريبة في بلاد غريبة ، وهناك عانت كثيرًا من ويلات الغربة والألم والاحتياج ، وعلى الرغم من أنها كوّنت بيت وأسرة إلا أن حنينها إلى وطنها وأهلها لازال يسكن قلبها ، وهو ما جعلها تسعى إلى العودة التي قد تكون مستحيلة في ظل ظروف معقدة والتي ربما قد تكون حكمت عليها بالمنفى الأبدي ، إنها قصة مأساة امرأة من المملكة هجرت أهلها رغمًا عنها .
اغتصاب الفتاة :
ذات يوم طلبت زوجة الأب من ابنة زوجها البالغة من العمر أربعة عشر عامًا آنذاك أن تذهب لشراء بعض المتطلبات المنزلية من البقالة المجاورة للبيت ، وبالفعل ذهبت الفتاة لتتلقى أسوأ مصير ، حيث استغل العامل الباكستاني داخل المحل ضعف هذه الصغيرة وقام باغتصابها دون رحمة ، فكانت الكارثة الكبرى التي ألمّت بالفتاة التي تعلم جيدًا أنها ربما تفقد حياتها بسبب ما حدث معها.
الهروب :
أخبرت الفتاة زوجة الأب ما حدث معها ، فنصحتها زوجة أبيها أن تفر هاربة على وجه السرعة مع العامل الباكستاني وألا تتحدث مع أي شخص عما حدث لأنها قد تُقتل بسبب هذه الحادثة ، فدبّ الفزع الأكبر في قلب الفتاة ، وهو ما جعلها تقوم بتنفيذ مخطط زوجة أبيها ، وبالفعل هربت مع العامل إلى جدة ، وهنا بدأت قصة الفتاة مع العامل تنتشر على نطاق واسع ، وهو ما أثار غضب قبيلة الفتاة ، فطلبوا من والدها أن يجدها على وجه السرعة ليقوم بقتلها .
حينما يأس الأب من عودة ابنته التي لم يعد لها أثر ؛ أعلن أنه قد قتلها وذلك كي يصمت الجميع عن كلامهم في أمر الفتاة والعار الذي ألحقته بأهلها ، وفي تلك الأثناء كانت الفتاة قد رحلت على متن طائرة متوجهة إلى باكستان مع العامل الذي أخرج لها جواز سفر باسم زوجته الأولى من القنصلية الباكستانية ، لتبدأ فصلًا جديدًا وقاسيًا من فصول حياتها .
الحياة في باكستان :
وصلت الفتاة إلى البلدة التي يعيش بها العامل ، وهناك استقبلها أهله وقاموا بعقد قرانهما في المحكمة ، وعاشت داخل حي معروف بسيطرة الجماعات الهندية عليه ، والتي دائمًا ما تخوض عمليات عسكرية مع الجيش الباكستاني ، لتعيش حياة مضطربة في ظل هذه الظروف ، وقد رُزقت بابنتين وولد ، والذين ذاقوا معها مر المعيشة ، حيث أنهم لا يمتلكون أي مصدر دخل إلا من جمعية أواصر التي تساعدهم ، وكذلك تقوم أخت الزوج أحيانًا بتوفير بعض مستلزماتهم .
باتت الحياة قاسية للغاية في ظل ظروف معيشية ضيقة ، حيث كانت تضطر المرأة أن تعيش وأسرتها بلا كهرباء في بعض الأيام ، وقد ينفذ الغاز فجأة وهو ما يضطرها للذهاب عند جارتها كي تطبخ الطعام ، وحينما اشتدت عليها قسوة الظروف قررت أن تجد عملًا ، فلم تجد سبيلًا إلا أن تخدم داخل البيوت دون أن تكشف عن جنسيتها .
محاولة للعودة إلى الأهل :
بعد أن عاشت المرأة سبعة عشر عامًا بعيدًا عن الأهل ؛ أخذها الحنين للعودة إلى وطنها وأهلها ، حتى سمعت ذات يوم شابين يتحدثان باللهجة السعودية ، فأسرعت إليها وأخبرتهما بقصتها ورغبتها في العودة لأهلها ، لتحصل بعد مرور أشهر على رقم هاتف والدها ، والذي لم يصدقها في البداية حتى أخبرته بالقصة الكاملة ، ولكنه أبدى عدم رغبته في عودتها .
اتجهت المرأة إلى القنصلية السعودية في باكستان بعد أن رفض والدها عودتها إليه ، وذلك من أجل إصدار بطاقة هوية تحمل جنسيتها الحقيقية ، وحينما تم التواصل مع أبيها وافق على ذلك بشرط ألا تعود مجددًا إلى المملكة ، وهكذا استمرت معاناتها التي بدأت بخطأ لم يكن لها فيه يد ، بل إنها كانت ضحية الاغتصاب والهروب الإجباري.