عادةً يلجأ الطرفان المتخاصمان بسبب الأموال إلى القضاء ، وقد يكون هذان الشخصان إما آخين أو صديقين أو شريكين ، ولكن ما يبدو غريبًا في الأمر أن يقف ابن وأمه بين أروقة المحاكم لإلقاء التهم على بعضهما ، وكأن هذا الابن ليس ابنها ، وكأن هذه الأم ليست أمه ، ربما ما يحدث هذا هو نتاج خلل مجتمعي أصبح موروثًا ثقافيًا يتفاقم بمرور الزمن ، لقد حدث بالفعل في جدة حينما لجأ شاب إلى المحكمة ليقاضي أمه ، فما هي قصته مع أمه .
شراء معرض :
اتفق الشاب مع أمه أن يقوم بشراء معرض منها بكل ما يحتوي من مستلزمات ، وقام الطرفان بتحديد دفعات لدفع المبالغ التي اتفقا عليها ، والقيام بتصفية المعرض وجرد ما به من بضائع ، ولكن الابن رأى أن والدته قد سلمّت إليه هذا المعرض شكلًا فقط ، حيث أنه شعر بكثرة تدخلاتها في كل شؤون المعرض ، وهو ما أوحى إليه أنها قد استولت عليه دون وجه حق .
شعر الابن أن أمه لازالت هي المالك الأصلي للمعرض على الرغم من شرائه ، لأنه رأى تدخلاتها في رواتب الموظفين وتسيير أمور العمل ، كما أنها كانت تتولى مهمة تحصيل الإيرادات ولا تعطيه المبالغ المقررة بينهما ، وهو ما أغضبه بشدة من أمه ، حيث أقام كشف حساب ليؤكد أن أمه مديونة إليه بمبالغ هائلة .
دعوى ضد الأم :
حينما فشل الابن أن يسترد المبالغ التى رأى أن أمه مديونة بها ؛ اتجه على الفور ودون تراجع إلى القضاء لرفع دعوى ضد أمه ، حيث طالبها فيها بسداد كشف حساب بلغت قيمته 650 ألف ريال ، وقد قام الشاب بتوضيح سبب دعواه في مذكرة قال فيها أن أمه كانت تقوم بتحويل المكاسب التي كانت تأخذها من المعرض إلى صالونات تجميل خاصة بها ، وهي بذلك تستولى على أمواله ، حيث اتهمها بعدم الوفاء وخيانة الأمانة .
موقف الأم :
لم يختلف الأمر كثيرًا لدى الأم ، فهي الأخرى كانت قد رفعت دعوى عقوق ضد ابنها في وقت سابق ، وحينما رفع ابنها دعواه نفت كل ما قاله الابن متهمة إياه بالعقوق ، حيث بدت العلاقة بينهما مضطربة للغاية ، ثم قامت بعرض محضر صلح بينهما ، وهو ما أجازته المحكمة في وقت سابق ، والذي بمقتضاه يقوم الطرفان بالتنازل عن دعوى كل منهما ضد الآخر ، وألا يقوم الابن بتقديم أي دعوى حقوقية ضد أمه .
وفيما يبدو أن الابن كان لديه الإصرار على استرداد المبلغ الذي رأى أنه حقه ، حتى أنه استمر في دعواه ضد أمه على الرغم من إقرار الصلح بشكل رسمي ، حتى استمرت قضيته سارية بين أروقة المحاكم ، ولكن بعد مرور ثلاثة أعوام وأربعة أشهر أسقطت المحكمة دعواه ضد أمه ، مستندة بذلك إلى محضر الصلح الذي تم بين الطرفين بشكل رسمي ، حيث تم تأييده من محكمة الاستئناف بصورة نهائية ، فعاد الابن خائب الأمل بعد أن تسبب في تزلزل علاقته بأمه .
وهكذا بدت الأموال شبحًا يخيم على أقوى روابط العلاقات الأسرية ، والتي جعلت الابن وأمه يترنحان بين أروقة المحاكم ، يقفان ضد بعضهما بدلًا من الوضع الطبيعي لكونهما سندًا لبعضهما البعض ، ولكن الأمور قد انقلبت رأسًا على عقب ، حتى كاد لا يوجد شيء غريب في هذا المجتمع الذي تزود بالسموم القاتلة .