“هنا مملكة الإنسانية .. هنا المملكة العربية السعودية ” ، هكذا أعاد محمد ناصر الجرداني ذكرياته في المملكة منذ إحدى عشر عامًا ، حيث وفد من سلطنة عمان حينها ليقدم بنتيه الطفلتين الملتصقتين إلى الفريق الطبي لإجراء عملية الفصل ، أعاد الأب ذكريات رحلته الإنسانية داخل الأراضي المقدسة بعد أن تلقى دعوة خاصة من الملك عبدالله طيبّ الله ثراه.
البداية مع مولد طفلتين ملتصقتين :
لقد رزق الله تعالى الأب العماني محمد الجرداني بثلاثة توائم قبل إحدى عشر عامًا ، حيث رُزق بطفل معافى يُدعى يحيي ، بينما وُلدت البنتان (صفا ومروة) في حالة يُرثى لها ، حيث أنهما كانتا ملتصقتين من الرأس ، حتى بدا أمر علاجهما أو فصلهما معقدًا ، ومن هنا كانت بداية رحلة البحث عن الطريق الصحيح لعلاج البنتين .
تردد الأب على العديد من الأطباء ليبحث عن طريقة للعلاج ، غير أنه لم يصل إلى حل يشفي علته وقتها ، ولكن رحمة الله واسعة حيث أنه ألهم هذا الأب إلى استشارة صديق له من المملكة ، ليكون هو المفتاح الذي فتح به الباب الذي كان سر سعادته ، وذلك حينما أرشده الصديق إلى مستشفى الحرس الوطني بمدينة الملك عبدالعزيز الطبية .
باب أمل :
قام الأب على الفور بإرسال إيميل يعرض فيه حالة البنتين إلى الدكتور “عبدالله الربيعة” ، والذي لم يتأخر في الرد ، حيث لجأ إلى الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمة الله عليه ليستشيره عن إمكانية إجراء تلك الجراحة في المملكة ، وعلى الفور وافق الملك المغفور له بإذن الله ، بل إنه قام باستضافة الأب وأسرته على نفقته الخاصة ، حيث أنهم سافروا من عمان إلى الرياض من أجل إجراء الفحوصات اللازمة للبنتين .
بعد إجراء كافة الفحوصات أخبر الأطباء الوالد أن عظمة الرأس تسمح بإجراء عملية الفصل ، فكان باب الأمل الجديد للأسرة ، وكانت التوأمتان وقتها تبلغان أربعة اشهر فقط ، فقام الأطباء بوضع خطة علاجية قبل البدء في الجراحة من أجل عمل توسيع لجلد الرأس حتى يغطى منطقة الفصل ، وقد استغرقت تلك الفترة العلاجية تسعة أشهر .
خضعت التوأمتان إلى العملية بعد عملية التجهيز ، حيث استغرقت تلك العملية 18 ساعة كاملة ، والتي انتهت بنجاح فائق بفضل الله وبفضل جهود المملكة والأطباء ، وقد قام حينها خادم الحرمين الشريفين طيبّ الله ثراه بتقديم التهنئة إلى والد البنتين ، وهو الفضل الذي لا يُنسى عند أسرة التوأمتين ، حيث أقامت الأسرة عامًا كاملًا في كنف ورعاية الملك عبدالله رحمه الله.
عملية قلب مفتوح :
لقد اتسع كرم الملك عبدالله رحمه الله كذلك بالنسبة لمرض الأب الذي كان بحاجة إلى إجراء عملية قلب مفتوح ، حيث تكفلّ الملك أيضًا بجراحته بعد أن اطمئن على البنتين ، وبعد مرور كل هذه الأعوام ؛ لم ينس الجرداني فضل المملكة عليه وعلى بنتيه ، وهو ما جعله يعيد نشر صورة البنتين بعد أن أصبحتا فتاتين في الصف السابع ، وذلك ليعيد ذكرى فصلهما التي تمت بفضل من الله ومن الملك عبدالله رحمه الله .
لا تنسوني من دعائكم :
لازال الأب العماني يتذكر كلمات الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمة الله عليه حينما كان يقول :”لا تنسوني من دعائكم” ، فقام بنشر تغريدته التي انتشرت سريعًا “هنا مملكة الإنسانية..” ، ليجمع بذلك ملايين الدعوات لملك الإنسانية رحمة الله عليه ، وهكذا يدين الجرداني إلى المملكة بأكملها بما حدث معه منذ إحدى عشر عامًا .