بغتة أحس السيد ميم ، بصعوبة في التنفس ، ولما فتح عينيه وسط ظلام دامس ، أدرك بأن صعوبة التنفس نفسها هي التي أيقظته من نومه ، ولا يدري لماذا باغته شعور ظلامي بأنه في قبر !

شعور بالموت :
نظر إلى النواصة ، رآها مطفأة ، وهذا ما عزز الشعور بالموت لديه ، ومن ناحية أخرى ، عندما صوب عينيه أسفل الباب المحكم عله يرى نورا ، أحس بخيط من الدخان يتسرب من الأسفل إلى المكان المظلم ، الذي يحتوي جسده الذي بات يرتعش تحت لحاف غدا عليه بثقل جبل .

خيوط دخان :
تمتم السيد ميم ، بكلمات وكأنها الأخيرة التي يتمتمها لنفسه : هاهو الدخان الأسود يزحف إليك ، يتحلق كحبل مشنقة حول رقبتك ، وأنت لا تستطيع فكاكا منه ، تعجز من إبداء أي حركة في مواجهته .

إنك ميت :
وأمام هذا التوبيخ الداخلي ، الذي وجهته نفسه إليه أراد أن يبدي حركة ولو صغيرة ، علها تشجعه للنهوض ، والتقدم نحو الباب لفتحه ، بيد أنه فشل في أي محاولة للتحرك ، فعادت نفسخ تخاطب بذات النبرة : إنك ميت .. فقط الميت هو الذي لا يقدر على حمل جسده .. ها هو الذي ظللت طوال عمرك تتهرب منه ، يقتحمك ويحيلك إلى كائن عديم الحراك ، وبعد قليل يحيل جسدك إلى جثة متفسخة وكأنك لم تكن ، كأنك لم تعش .

فقدت كل شيء :
كم من الأصدقاء لديك ، كم من الشوارع التي تمضي فيها ،كم من الطقوس اليوميه التي تقوم بها ، سيغدو كل ذلك صورة من الماضي الذي لا يعود ، لقد فقدت كل شيء ، فقدت حياتك كلها ، لم تكن تصدق أن الموت حقيقة يواجهها الإنسان ، لم يكن أي موت بوسعه أن يقنعك بموت الإنسان موتا كليًا ، واختفاؤه من الحياة الحافلة التي يعيشها .

لست ميتًا :
إنهم يذهبون إلى أماكن أخرى ، يعيشون الحياة بكل دفقاتها ، هذه الحياة التي لا تنطفئ في الإنسان أينما حل ، اكتظت الحجرة بالدخان ورأى في لحظات أن الاختفاء الحقيقي هو جموده في الفراش مستسلمًا للدخان ، وبالكاد خرجت من فيه ، عبارة متلعثمة : لكنني لست ميتًا ، عندما تناهى إليه صوته ، وأحس أن الصوت اخترق الظلام والدخان معًا ، تأكد بأنه ليس ميتًا .

الظلام والدخان يتعانقان :
فأطلق قهقهات مجلجلة لا متناهية ، أحس على إثرها بقوة هائلة تجتاحه ، نهض من الفراش يواجه الدخان والظلام ومد يده على زر الضوء ، فامتلأت الغرفة نورا ، رأى الظلام والدخان يتعانقان ويخرجان بجبن من تحت الباب ، واصل قهقهاته المجلجلة التي ملأت نفسه بالنشوة من جديد ، ثم ارتدى ثياب الخروج وفتح الباب ، رأى الجيران يتحلقون حول بابه ينظرون إليه بنظرات غريبة .

الطرقات تحت قناديل الليل :
أدرك للتو بأن قهقهاته المجلجلة تلك التي أخرجتهم من بيوتهم ، ألقى نظرة سريعة إلى ساعته رآها تشير إلى الواحدة ليلًا ، في تلك اللحظات أحس برغبة جامحة في أن يمضي في الطرقات تحت قناديل الليل ، أقفل الباب خلفه ، ومضى يهبط الدرج غير آبه بالنظرات التي تركها خلفه .

Lars

منشور له صلة

كيف استخدم الذكاء الاصطناعي في التعليم

كيف استخدم الذكاء الاصطناعي في التعليم كيف تستخدم الذكاء الاصطناعي في التعليم؟ يُحدث الذكاء الاصطناعي…

3 ساعات منذ

أفضل مواقع الذكاء الاصطناعي

أفضل مواقع الذكاء الاصطناعي في عصر الثورة الرقمية، أصبح الذكاء الاصطناعي جزءًا لا يتجزأ من…

3 ساعات منذ

كيف أستخدم الذكاء الاصطناعي

كيف أستخدم الذكاء الاصطناعي كيف تستخدم الذكاء الاصطناعي؟ دليل شامل لتطبيقاته في حياتك اليومية الذكاء…

4 ساعات منذ

الفرق بين الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي والتعلم العميق

الفرق بين الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي والتعلم العميق الذكاء الاصطناعي (AI) والتعلم الآلي (Machine Learning)…

4 ساعات منذ

أهم التحديات التي تواجه الذكاء الاصطناعي

أهم التحديات التي تواجه الذكاء الاصطناعي رغم الإمكانات الهائلة التي يقدمها الذكاء الاصطناعي (AI)، إلا…

4 ساعات منذ

مستقبل الذكاء الاصطناعي ماذا ينتظرنا

مستقبل الذكاء الاصطناعي ماذا ينتظرنا الذكاء الاصطناعي (AI) ليس مجرد أداة تكنولوجية عابرة، بل هو…

4 ساعات منذ