رمقها باستغراب ، إذ تخرج من محفظتها الصغيرة والتي كانت تحملها بكلتا يديها فوق صدرها ، مجموعة من الأوراق المالية الزرقاء والحمراء والصفراء ، وتضعها في كومة صغيرة على الطاولة أمامه قبل أن ترفع أصبعها لتعيد النضارة السميكة إلى عينيها ، فأسرع يضع يده فوق الكومة أمامه كي لا يطيرها نسيم البحر .
نظارة سميكة وخصلات متطايرة :
وعبر الأوراق المالية المبعثرة ، تأمل انعكاس وجهها العجوز على زجاج الطاولة المكسر ، ونظارتها السميكة التي تعكس شموسًا بيضاء على الزجاج ، ثم تنهد وقال : لها إن كومة نقودها هذه ستكفيها ساعة ونيف استئجار القارب الشراعي الذي تطلب ، هزت رأسها موافقة ورفعت حقيبة صغيرة عن الأرض ، دون أن تنتبه أن خصلات شعرها الأبيض قد أفلتت من العقدة التي كانت تشدها إلى بعضها ، فتبعثرت وتبعثرت .
محاولة الوصول إلى السفينة :
حاولت أكثر أن تزيد من سرعة القارب ، رغم عدم خبرتها به ، محاولة الوصول إلى السفينة ، ولكن الرياح كانت تدفع القارب نحو السفينة الضخمة بسرعة قليلة نسبيًا ، ولم تفهم ما الذي توجب عليها فعله ، خصوصًا وأن المسافة بينها وبين الشاطئ أصبحت كبيرة ومرعبة ، مثلها مثل المسافة بينها وبين السفينة ، ونظرت للحظات إلى المياه بجانب القارب ، ولم تستطع أن تميز عمق البحر كثيرًا ، وإن لم تكن مهمته حقًا بمعرفته ، قدر اهتمامها بالوصول إلى السفينة المغادرة قبل أن تبتعد أكثر .
الاقتراب من الهدف :
وفوق الرمال ، وقف تاجر القوارب يتأمل الأفق ويتابع ساعته ، إن استمرت العجوز في الابتعاد هكذا ، فلن تعود في الوقت المحدد ، وسيضطر لتغريمها المزيد من النقود ، ومن بعيد هبت رياح باردة حملت القارب مسافة أقرب إلى السفينة المبتعدة ، فابتسمت العجوز سعيدة بانجازها ، وتابعت بنظرها أكثر السفينة الضخمة التي بدأت تضيء أنوارها ، أما في عمق الأفق فكان هناك برق يمزق السماء ، معلنًا عن اقتراب عاصفة .
هلاوس العجوز :
تنفست بعمق فسمعها شبح خيالها المخادع ، تقرب منها وتبسم لها ، وبدأ يخادعها بكلامه المعسول ، وعندما رفضت أفكاره ، حاول شبح خيالها أن يخنقها ويقضي عليها ، ولكن صغيرها جاء ومسك بالشبح من ذيله ورماه في الهاوية ، أحست بالامتنان للصغير ، مدت يدها تضعها على كتفه ، تحشرج صوته ليصبح نسخة كبر في العمر منه .
وصرخ بها أن تبتعد عنه ، وهو يدفع يدها عن كتفه ، فلم تصدق أذنيها ، وبسرعة ضمت هذا المشهد إلى قائمة المشاهد الغريبة التي تتخيلها في كثير من الأحيان ، ومسحت عن العالم من حولها ضياء خيالها ، لتجد نفسها من جديد في غرفة الصغير ترتجف قهرًا ، من المشهد الذي عدته خيالياً ، ولكنه أشد ألمًا من خيالتها المعتادة ، ربما لأن الصغير هو منقذها الدائم من شبح خيالها المصر على خنقها دائمًا .
جنون وهروب :
ثم هي لم تفهم ، لماذا ينعتها بالمجنونة دائمًا ، ويطالبها بالكف عن ما تفعله ؟ لماذا رفض أن تربط قدمه بالفراش كما السابق ، مانعة إياه من التسلل إلى عالم الكوابيس عندما ينام ؟ هي لم تفعل شيئًا خاطئًا ، فكل همها حمايته من الشبح ، ومن والاه من الأشباح ، ثم التأكد من أنه يحفظ دروسه جيدًا ويعيش حياة سعيدة .
ثم يتزوج من تربط قدمه إلى السرير مانعة عالم الكوابيس من خول منزله السعيد ، وظل مشهده وهو يحمل حقيبة سفره مغادرًا المنزل ، نحو وجهة مجهولة لها تثير حيرتها طوال أربع سنوات ، تلت هذا الحدث ، هل غادر بالفعل ليسكن وحيدًا دون وداع ؟!!
جنون الأم وصبر الابن :
وهي رغم بعده عنها طوال سنوات الجامعه ، كانت تتابع تحركاته ، تظهر له فجأة أمام باب الجامعة تبتسم له ابتسامة عريضة ، وتحمل حقيبتها الصغيرة بكلتا يديها فوق صدرها ، وتدفع نظارتها السميكة بطرف اصبعها لتعيدها إلى مكانها ، فيطأطئ رأسه ويغادر أصحابه ويأخذها إلى المنزل دون كلمة .. ولكم حاولت أن تتكلم معه ، ولكنه كان يسرع الخطوات ، فلا تملك إلا أن تتطلب منه التوقف ، لكي يسمح لها بالتقاط أنفاسها ، وإعادة نظارتها السميكة فوق عينيها في مكانها .
الملاحقة حتى السكن :
ثم تعلمت أن تلاحقه حتى علمت مكان سكنه ، فجلست بالساعات مع صاحبة الشقة العجوز التي سمحت لها بالنهاية أن تزور شقة ابنها ، دخلت الشقة مطمئنة إلى جدول مواعيد محاضراته التي يحتفظ بها ، ووضعت الزهور بجانب سريره ، وطبعت قبلا على صفحات كل كتاب ، قبل أن تترك عود بخور على المكتب وتغادر ، ورغم انتشار خبر الحريق أيامها ، إلا أنه لم يصلها إلا بعد أسبوعين عندما حاولت زيارته مرة أخرى .
السفر للعمل :
لم تفهم حتى بعد انتهاء زيارته المسائية تلك ، جملة السفر إلى ايطاليا للعمل ، وطلبت منه أن يبدأ بزيارتها كل ليلة ، بعد أن كانت زيارته أسبوعية ، ليشاركها العشاء بالمنزل ، ولكنه ابتسم وأخبرها عن بُعد إيطاليا عن منزلها ، وصعوبة زيارتها يوميًا من هناك ، فهزت رأسها في أسى وصمتت .
مغادرة وحسرة :
في يوم السفر استيقظت مبكرًا ، وانطلقت فورًا إليه ، وهناك ضمها وقبلها ورجاها أن تهتم بنفسها ، فوضعت حقيبة صغيرة في يده وأخبرته أن فيها غداؤه ، ضحك قبل أن يعتذر عن قبول الهدية ، بسبب قوانين السفر التي تمنع اصطحاب أطعمة ، ولكنها كانت أكثر إصرارًا ، وابتسم لها قبل أن يحمل الحقيبة ويغادر ، ظلت تلاحقه بنظراتها وتحاول أن تميز رأسه من بين المسافرين ، رأته وهو يضع حقيبة الطعام على الأرض ، ويخرج من جيبه منديلاً يجفف عرقه .
ثم يمشي تاركًا حقيبة الطعام خلفه .وضعت يدها على فمها لتمنع شهقة ، وحاولت الاسراع خلفه إلا أن الحراس طلبوا منها جواز السفر ، ظلت تترجى أحدهم حتى جاءها بالحقيبة ، ضمتها إلى صدرها وهي ترمق السفينة المغادرة ، ثم أزمعت أمرًا !
من وراء النظارة :
في صباح اليوم التالي ، وجدت ريم الصغيرة نظارة بعدسة سميكة وأخرى محطمة مرمية بين هدايا الأمواج بعد عاصفة الأمس !! .. ارتدتها وركضت إلى والدها ضاحكة ، فابتسم لها وهو يرفع النظارة عن عينيها ، ويرميها بعيدًا لتلمع للحظات تحت أشعة الشمس وتختفي ، لا يريد لصغيرته أن ترى العالم ، عبر مثل هذه النظارة .
صفات الأبراج بالتفصيل لكل برج صفات خاصة به تميزه عن غيره، وهذه الصفات تبرز في…
الأبراج حسب الأشهر بالارقام الأبراج هي واحدة من المواضيع المثيرة للاهتمام والتي تجذب الكثير من…
الابراج حسب الاشهر دليلك الكامل للأبراج حسب الأشهر الميلادية والهجرية لطالما ارتبطت الأبراج بالتنبؤات والصفات…
توافق الحب والعلاقات حسب الأبراج بالتفاصيل الحب والعلاقات العاطفية يحملان طابعًا خاصًا يتأثر بصفات كل…
أحجار الرزق لكل برج والحب والعمل والنجاح الأحجار الكريمة تمتلك طاقات روحانية، ويُعتقد أنها تؤثر…
أسرار حب وكره الأبراج صفات مميزة تثير الإعجاب وتسبب النفور يهتم كل برج بمجموعة من…