في سنة من سنوات عمرنا ، ولد شاب في مجتمع شرقي ، شرقي بعاداته وتقاليده الحسنة والسيئة ، نعم إنها قصة شاب ، ولكن ليست من التي يكون بها الشاب الفقير الذي فقد أبويه فاجتهد في عمله حتى وصل لحلمه ، من التي نراها في السينما القديمة ، ولكن شاب عاش في مشاكلنا التي نعيشها وأحلامنا التي نحلمها لمجتمعنا .

المدرسة الثانوية :
ذهب بطلنا إلى المدرسة الثانوية وكأي مدرسة ثانوية الناظر المتعجرف الذي يرتب طابور الصباح ، والمدرسون الذين يمرون على الطلبة لإخراج الذي يرتدي الزي المدرسي ، والطلاب المشاغبون الذين يتعمدون إحداث الشغب في الطابور .

شاهد بطلنا تلك الأشياء المعتادة لكن لفت نظره شيئًا آخر ، مجموعة من الطلبة يتحدثون بصوت خافت .. فلابد أنه موضوع هام وجاد ، فتدخل بطلنا يريد معرفة ما يتحدثون عنه ، فسمع أحدهم يقول : لابد من التحرك كيف نترك هؤلاء الجهلاء يهينون نبينا ونحن واقفون بلا حراك ، أنزع الله من قلوبنا الحق والغيرة على نبينا ، فلابد من عمل مظاهرة بعد اليوم الدراسي نطالب بها بالمقاطعة أو أي شيء من ذلك القبيل يجعلنا نشفي غليلنا منهم .

أين الحل :
سمع بطلنا هذا الكلام ، وفهم عن أي موضوع هم يتحدثون ، ولكن لم يقتنع بذلك ودار في باله : ماذا ستنفع مظاهرة طلاب ثانوي أو حتى طلاب جامعة ، فالموضوع أكبر من ذلك ، من أن تكون مظاهرة سلمية ولا أحب تلك الحماسة الزائدة من الشباب ولابد من عمل شيء حقيقي نرد به شرفنا ، فقرر بطلنا أن يبدأ رحلته مع معرفة جواب السؤال أين الحل ؟

الأسود والغزلان :
فتوجه إلى الطالب الذي كان يحثهم على المظاهرة ، وسأله : ما الحل لنا نحن العرب في أن نكون الأوائل في كل شيء ، لماذا نحن متخلفون بالنسبة إليهم ، أهذه غلطة قديمة من أجدادنا ندفعها نحن الآن ، أم هو ضعف منا وحله التظاهر ؟

فقال له : اسمع نحن كنا نمثل لهم قديمًا أسودًا في قوتنا ، ولكن علمونا كيف نكون غزلانًا ، كيف نرى الظلم ونسكت ، كيف نشاهد إخواننا وهم يتعذبون وننسى ، ولكن أين الحل لا أعرف !!!

مدرس التربية الدينية :
هكذا انتهى الحوار بدون حل ، ولكن بطلنا لم ييأس بعد ، ومازال يبحث عن حل ، بدأت أول حصص يومه وكانت حصة التربية الدينية ، وبالطبع فكر بطلنا بأن مدرس الدين هو الشخص التالي لكي يجيب عن سؤاله ، فذهب إليه ووجه له السؤال ، تعجب المدرس من السؤال ولكن تقبله وفكر ماذا يقول له أيفتح قلبه ويقول عن ما يحسه ، أم يوجه له النصيحة .

ويقول له : ابتعد عن تلك الأفكار انها لا تأتي نفعًا ، ولكن كان هذا هو رأيه : نحن كعرب لا نملك من أمرنا حيلة ، لأنهم يسيطرون علينا في نواحي كثيرة إذا تخلينا عنها سوف يكون في ذلك أمل كبير في النصر ، وأنت اعمل ما لديك ليكون جزءًا في تحقيق هذا النصر ، ولكن أين الحل لا أدري وأعتقد أن لا أحد يدري ولكن استمر ، هذا ما خرج به من حواره مع المدرس وأيضًا بدون اجابة ، واستمر يومه هكذا حتى وشك على أن ينتهي ولكن دار في عقله فكرة .

مدير المدرسة :
لما لا يسأل مدير المدرسة إنه أكثر المدرسين حكمة وخبرة ، وبرغم تعجرفه لكن مشاعر الانسان لم تمت لديه ، وبالفعل توجه إلى غرفة المدير واستأذن ثم دخل ، فتعجب من ذلك فنادرًا ما يدخل أحد الطلاب غرفته ، ولكن أحب هذا ، دخل بطلنا وكان يتعجب من نفسه ، كيف وصلت به الجرأة للدخول إلى هذا المكان .

ولكن هذا ما حدث فقرر أن يعرض الأمر عليه ، وبعد أن سمع المدير سؤاله العجيب ضحك ، وسريعًا ما بدا عليه الحزن والتعجب ، وقال له : يا بني هذا العالم نصفين : نصف قوي ، ونصف ضعيف ، ولكن الفاصل بين النصفين جدار ضخم شائك ، لا يدخله إلا من تسلح بالإيمان والعلم والقوة ، فيا بني إذا تحقق فينا نحن العرب تلك الشروط فسنهدم الجدار ، ونجعل العالم كله كتلة واحدة لا يفرقها أحد ونكون أسياد تلك الكتلة ، ولكن متى سيتحقق هذا الحلم لا أدري ، ولكن احلم يا بني فإن كل حضارة بنيت على حلم وهدف ، خرج بطلنا من عند مديره يفكر ، ولكن من غير جدوى حتى وصل إلى منزله وتابع مسيرة الاجابة على سؤاله .

الأم والابن :
دخل منزله ، وكان أول ما شاهدت عيناه أمه ، وهي تحضر الغذاء ، ولكن هل يتركها بدون أن يسألها ، وتوجه بطلنا إلى أمه ، وهي منهمكة في تحضير الغذاء ، وطرح عليها السؤال فتعصبت الأم ونظرت له ، وقالت : ما تلك الأفكار التي بدأت تدور في رأسك ، ليس لك شأن بما يحدث قط اهتم بمذاكرتك ولا تدع هؤلاء الطلاب المشاغبون يقومون باللعب في رأسك ، وهيا ساعدني في تحضير الغذاء ، لأن جدك على وشك الوصول إلينا ، آه .. المذاكرة والدراسة هذا ما تقوله الأمهات دائمًا ، كان هذا هو تعليقه على الحوار الذي دار بينهما ، حوار آخر بلا نتيجة ، إلى متى ؟!

الأب والابن :
صوت الباب ، انه أبي لابد لي من أن أسأله ، إن له وجهة نظر سياسية صائبة ، وإن كان لأختبره في مشاهدته للقنوات الاخبارية دائمًا ، وفعلا ذهب إليه ليسأله السؤال المحير ، ولكن لم يتعجب الأب كثيرًا من سؤال ابنه كما لو كان متوقعًا ، ورد قائلاً : الحل ليس له وجود ولكن نحن من نصنع الحل ، انظر يا بني ، إذا أردت أن تنجح حقًا اعتمد على نفسك إذا كل فرد اعتمد على نفسه فسنجد الحل ، نعم الاعتماد على النفس شيء مهم ، ولكن هذا ليس حل ، وكانت هذه نتيجة حواره مع أبيه ، واضح أنه لا يوجد حل سنظل كما نحن : نهان ونحن في ديارنا ، هذا هو حلنا .

الجد والنموذج المشرف :
صوت جدي بالخارج ، نعم هو التالي ، إذا أرجو أن يكون بيده الحل ، انطلق بطلنا يبحث عن جده وبعد أن سلم عليه سأله سؤاله المشئوم ، فكر الجد قليلا ، ثم قال : يا بني حل تلك القضية مبني علينا ، نحن العرب ، الحل في انسان نشيط ، انسان مؤمن ، إنسان قوي ، انسان يقول لا للظلم ، ولكن ابحث عن ذلك الانسان ، محتمل أن تجد منه مثلاً مشرفًا يليق بنا ، وممكن أن ترى عما قريب شعبنا كله مثل هذا النموذج  ، هنا يأتي الحل ، فكر بطلنا في كلام جده ، وقرر أن يبدأ بنفسه عسى أن يكون واحدًا من النماذج المشرفة ، خرج بطلنا يبحث عن الحقيقة ، يبحث عن الانسان النموذجي ، يبحث عن الحل .

By Lars