كل شيء يوحي أن الجرس قد دق ، غادرتني نوبات الكتابة الملحة منذ أكثر من أربعة شهور .. توقفت ، قمت ببعض المحاولات الفاشلة ، محاولة استرجاع ما ضاع مني ، الرغبة الملحة في الكتابة ، تشبه الرغبة الملحة في دخول بيت الراحة .. ربما هو تشبيه غير مناسب ، لكن هذا ما جال في خاطري لحظة ..

تضارب أفكار :
أقول هذا لأنني أعرف ما الذي تعنيه الرغبة الملحة في دخول الحمام .. وخصوصاً أني من النوع الذي يقترف من دخول المراحيض في الأماكن العامة ، ونادراً ما أدخل مرحاضاً عاماً ، لا في مطعم ولا في مقهى ولا في سينما ولا في مسرح ، حتى في العمل .. ربما هي فوبيا المراحيض العامة ، في الصين اكثرها ابتذالاً وبدائية ، واحد من تلك المراحيض التي أعتقد أن الأتراك استعملوها .

المرحاض عبارة عن حفرة في الأرض ودمتم ، يصعب عليّ وصفها الآن ، يقتضي من مستعمله جلوس القرفصاء ، قدم على حدود الحفرة اليمنى والثانية على الحدود اليسري .. تتطلب هذه الوضعية توازناً كاملاً ورشاقة وقوة احتمال ، مع قدرة على إنقاذ أطراف الملابس من أي سوء في الوقت نفسه .. إذا حدث واستعملت أحد هذه المراحيض عندها سترتاح مرتين الأولى لأنك تخففت من حملك ، والثانية لأنك نجوت بنفسك من انزلاق وخيم العواقب ..

الحمام الصيني :
لن أصف لك ذلك الحمام الصيني ، فتحت الباب فاستقبلتني على الفور رائحة مميزة ، ساعدتني على اتخاذ قراري في ثانية واحدة بالخروج إلى الهواء الطلق ، وأوشكت على أن يغمي عليّ من السعادة ..

اعتدت زيارة الحمام قبل الخروج من البيت وفور العودة إليه ، وبين الخروج والعودة أحصر نفسي طوال النهار ، وأمتنع عن شرب الماء كثيراً ، فإذا ألمت بي رغبة ، أقفز على قدميّ بضع ثوان ، تكفي لتهدأ المثانة قليلاً ، هكذا عشت حياتي ، إضراب عن دخول المراحيض العامة ، أما مراحيض المنازل ، فبإمكاني القول بأني أقوم بمجهود كبير فيها .

مراحيض المنازل :
ألا ينصح المثل أهل العريس بزيارة المرحاض في بيت العروس ليتأكدوا من مدى نظافتها البنت بتنعرف من حمام بيتها ، كثيرًا ما سمعت هذه الجملة تتردد في الحي الذي تربيت فيه ، وإذا كنت أعتقد أن تنظيف مراحيض المنازل يتم مرة يومياً ، فينبغي تنظيف المراحيض العامة مرّة كل عشر دقائق .. وهناك بعض الأمكنة العامة التي تعتمد ذلك ..

عاملات النظافة :
لاحظت أن العاملات الواقفات على أبواب المراحيض في المطارات ، ينظفنها كل بضع دقائق ، ترى كيف تقيم المرأة نفسها ؟ كيف ترى نفسها في عيون الآخرين ؟ فمهنة التنظيف ليست مسليى بتاتاً ، فكيف بتنظيف الحمامات العامة كل بضع دقائق ؟ الشغل ليس عيباً ، فهمنا لكن هذه الشغلة بالتحديد ليست مهنة ظريفة أبداً ، عنّ لي ذات مرة استجواب إحداهن ، فلم أجد الكلمات المناسبة لذلك ، ما عساي أقول لها ؟ أأسألها كيف تقاوم غثيانها وبماذا تشعر عندما تنظف المرحاض نفسه عشرات المرات في اليوم ؟

وسوسة أم تحفظ :
ثم إنه من بين الناس من يتصرفون في المراحيض العامة بتوفيق في الأداء يثير الغثيان ، لا أدعي أن تصرفاتي تدخل في إطار الوسوسة ، لأني مثلاً أنظف مرحاض البيت فور مغادرة ضيوفي ، تبقى أفضل البيوت التي سكنتها ، تلك التي لها دورتي مياه واحده لي والثانية للآخرين ، أما عندما أزور أصدقائي أو معارفي ، فلا أدخل حمّامهم عند الزيارة الأولى ولا حتى الثانية ، بل أراقب عن كثب حتى يصبح بمقدوري توقع صلاحية حمامهم للاستعمال من عدمها .

حصرياً :
اعتدت سماع سؤال : ألا تدخلين الحمام يا بنت ؟ كلما كنا في مكان عام ، أو في غزوة شوبينج محدودة ، ..لا ، سأحصر نفسي ، حدث لي ذات مرة أني ، لفرط ما حصرت نفسي طيلة النهار ، لم يعد بمقدوري الوقوف ، فركضت إلى البيت ركضاً وتعذبت في العثور على المفاتيح في قعر الحقيبة ، كل ذلك وأنا أشعر أن الخلاص سيبادرني أمام الباب .

تعذبت في ادخال المفتاح المناسب في القفل المناسب ، مضت الثواني كدهر ، وللباب ثلاثة أقفال ، في لحظة وقبل أن أتمكن من فتح الباب شعرت بأني سأنفجر ، أخذت نفساً عميقاً واستسلمت لمثانتي ، لا أذكر كيف شعوري كطفلة في لحظات مماثلة ..

ليس حصري :
جاء اليوم الذي نصحني فيه طبيب صديق بالتخلى عن العادة السيئة ، وألا أحصر نفسي طيلة النهار وشرح لي المخاطر والأمراض الناجمة عن هذا الحصر ، صرت أتعذب قليلاً ، وغالباً ما أرسل أحداً للكشف عن مستوى النظافة ، ولم يخدعني أحد مرة من ذلك ، فصرت أقوم بمجهود إضافي من حين إلى آخر ، وبحوزتي دائماً محارم مطهرة أنظف بها المرحاض قبل مس حوافه واستخدامه .

مطعم منطقة الحمرا :
ورغم كل ذلك أتذكر أحلى حمام عام ، وهو حمام مطعم في منطقة الحمرا ، حمام مختلط لا سواه ، ولكنه حمام نظيف ، مزين بكتابات وأشعار ، خطها رواد المطعم لحظة دخولهم إليه ، أذكر عشائي الأول مع صديق لي ذلك المطعم ، إذ غاب وعاد بعد لحظات قائلًا : تركت لك رسالة صغيرة على حائط الحمام ، لم أخف دهشتي وذهبت إلى الحمام ، لأجده قد كتب لي أشياء رائعة ، ميزت خطه عن كل الكتابات وأجبته بالطريقة نفسها ، ولا يزال الذي كتبته موجوداً حتى الآن على الحائط ، كتبت له بيتاً للشاعر والخطاط العراقي محمد سعيد الصكار : حبري أسود .. فلا تطلبوا مني أن أرسم قوس قزح ..

Lars

منشور له صلة

قراءة تاروت الابراج اليومية ليوم الثلاثاء 3 سبتمبر 2024 مع ملك التاروت جاد

قراءة تاروت الابراج اليومية. اكتشف ما يخبئه لك اليوم مع قراءة التاروت اليومية لجميع الأبراج…

4 أسابيع منذ

قراءة تاروت الابراج اليومية ليوم الاثنين 2 سبتمبر 2024 مع ملك التاروت جاد

قراءة تاروت الابراج اليومية. اكتشف ما يخبئه لك اليوم مع قراءة التاروت اليومية لجميع الأبراج…

4 أسابيع منذ

قراءة تاروت الابراج الاسبوعية من الاثنين 2 سبتمبر 2024 إلى الاحد 8 سبتمبر 2024 مع ملك التاروت جاد

قراءة تاروت الابراج الاسبوعية اكتشف ما يخبئه لك هذا الأسبوع مع قراءة التاروت الأسبوعية لجميع…

4 أسابيع منذ

حساب التوافق بين شخصين حسب اسم الام

حساب التوافق بين شخصين حسب اسم الام لماذا يُعتقد أن اسم الأم له تأثير على…

شهر واحد منذ

قراءة تاروت الابراج اليومية ليوم الاحد 1 سبتمبر 2024 مع ملك التاروت جاد

قراءة تاروت الابراج اليومية. اكتشف ما يخبئه لك اليوم مع قراءة التاروت اليومية لجميع الأبراج…

شهر واحد منذ

قراءة تاروت الابراج اليومية ليوم السبت 31 اغسطس 2024 مع ملك التاروت جاد

قراءة تاروت الابراج اليومية. اكتشف ما يخبئه لك اليوم مع قراءة التاروت اليومية لجميع الأبراج…

شهر واحد منذ