قد يتصور البعض أن الخيال لا يمكنه أن يتحول إلى حقيقة في يوم ما ، ولكن الحقيقة هي أن بعض الخيال يمكن أن نراه حولنا في الواقع بأحد الأيام ، وقد يكون الواقع أكثر إيلامًا أو شغفًا مقارنة بما هو محض خيال .
ونذكر أنه في عام 1912م قد المؤلف الأمريكي إدجار رايس روايته عن طرزان وحياته في الغابة حيث ربّته القردة وصار واحدًا منهم ، يتصرف ويأكل ويتحرك مثلهم ، تلك الرواية التي حققت نجاحًا باهرًا آنذاك .
عقب هذا النجاح انطلقت رواية طرزان لتتجسد في أشهر الكتب المصورة ، والأفلام السينمائية ، وأفلام الرسوم المتحركة وغيرها ، مما جعله أشهر الشخصيات الخيالية شهرة ، حتى عام 2016م المنصرم .
حيث انطلق فيلم أسطورة طرزان الذي أُنتج في الولايات المتحدة الأمريكية ، ولكن من عجائب القدر ألا يكون هذا الفيلم سوى شرارة انطلقت معها رواية واقعية لطفلة أو سيدة حاليًا عاشت حياتها مثل طرزان تمامًا في الغابات ، برفقة القردة والذئاب ، حتى تم مساعدتها بإعادة تأهيلها للحياة داخل المجتمع ، وهذه قصتها .
فتاة ربّتها القرود :
إمرأة بريطانية أطلقوا عليها اسم مارينا تشابمان ، وذلك لأنها لا تعرف اسمها الحقيقي أو عائلتها البشرية من الأساس ، وهي امرأة بريطانية من كولومبيا ، زعمت أنه تعيش منذ أن كانت طفلة بالغابة ولم تر سوى الحيوانات من حولها ، ولا بشر في حياتها منذ هذا الوقت ، فقد وجدت القردة من حولها ، تلك القردة التي اعتنت بها وربتها عقب أن تم اختطافها في عام 1954م .
مارينا لا تعرف عن نفسها الكثير فلا تذكر ، سوى أنها كانت بعمر الرابعة عندما تم اختطافها من عائلتها التي كانت تقطن إحدى القرى النائية في أمريكا الجنوبية ، ولا تدري هل اختطفت حقًا أم أنها هربت أو كانت تلعب وقادتها قدماها نحو الغابة ، التي اختبرت فيها مشاعر مختلفة من الجوع والفزع والبرد ، تلك التجربة التي دفعتها دفعًا إلى تقليد القردة بطريقة غريزية للغاية ، في محاولة منها للبقاء على قيد الحياة .
وقالت تشابمان أنها لا تعرف عائلة حقيقية لها سوى تلك القردة ، التي قضت معها أجمل أيام حياتها ، حيث تسلقت معهم الأشجار وتأرجحت بين فروعها ، والآن هي امرأة عجوز لا تستطع أن تفعل ذلك ، فقد لا تدري كم عمرها الحقيقي ، إلا أنها تعرف أنها لا يمكنها أن تفعل تلك الأمور حاليًا .
هي تعرف أن ها ذات جمال هاديء ، ولكنها أيضًا تعشق القردة وتجد في ملامحها شيئًا منهم ، حتى حجمها ضئيل للغاية مثلهم ، وكانت لفترة طويلة تسير مثلهم تمامًا ، قضت تشابمان عدة سنوات بين القردة ، لا تدري عددها بالضبط ولكنها منذ طفولتها وهي تعيش بينهم ، في أعماق الغابات الكولومبية بعيدًا عن البشر والمجتمع الإنساني ككل .
لا تذكر تشابمان سوى أنها سارت على أربع مثلهم ، وأكلت التوت والموز كما يفعلون ، وتأرجحت بين الأشجار داخل الغابة عقب تسلقها ، وتعلمت فنون القتا والدفاع عن النفس من أجل البقاء على قيد الحياة ، فحياة الغابة البقاء فيها للأقوى والأصلح ، حتى أتى مجموعة من الصيادين وتم إنقاذها من هذا المصير المظلم .
لم يكن الإنقاذ مثير جدًا لتشابمان ، فهي اختبرت حياة قاسية بين البشر ، أو واجهت حياة لا ترحم أحدًا على حد تعبيرها ، فالتجمعات البشرية ليست جنة ، مما دفعها للانطواء على نفسها وفقدان اللغة البريئة التي تعلمتها من حياة الغابة ، لكي تحمي نفسها من تلك الشرور التي واجهتها بين البشر ، فقد تم بيعها لأحد بيوت الدعارة في مدينو كوكوتا ، وتم إنقاذها من بينهم للمرة الثانية ، لتنتقل بعد ذلك إلى مدينة برادفورد ، حيث ألفت كتابًا يروي سيرتها الذاتية وحياتها بين القردة بعنوان فتاة بلا اسم .