يتكوم التلاميذ أمام باب المدرسة الضخم المصنوع من جذوع النخل يفترشون الأرض ، يحملون حقائبهم المتباينة الشكل والمظهر مثل وجوههم ، هناك وجوه لطيفة يظهر عليها شيء من أثر النعمة ، وهناك وجوه بائسة وعليها أثر الفقر .
ويفتح الفراش الباب الذي يحدث صريرًا مهيبًا ، ويتسلل التلاميذ فيرزانة مفتعلة لأنهم يخافون من خيزرانة المراقب الجلاد ، الذي لا يتورع في ضربهم في كل الجهات ، حينما تدلف إلى الفناء تشم عبق الماء المرشوش في فنائها المفروش بالحصباء الناصعة البياض ، وحينما تسير تشعلا بوخز حبات الحصباء حذائك فتدرك أنه ما كان حذاً جيدًا .
وتدخل الفصل الضعيف التهوية ، والضعيف الضوء ، السبورة غير ممسوحة ولا تزال أثار خرابيش الأمس باقية ، وقطعة القماش المهرتلة التي يمسح بها العريف متدلية من حافتها .
يدخل محسن مع التلاميذ الذين يتحركون برغبة منهكة وكأنهم يعومون في فراغ الفصل ، وأخيرًا يجلس فوق مقعده المعتاد ، ومكانه بجانب الحائط المتهتك الجص ، ويخرج دفتر الواجب ، دفتر طبع على واجهته اسمه واسم المادة واسم المدرسة .
حينما فتحه ليطمئن من سلامة الحل قبل تسليمه للأستاذ ، راعه منظر الأوراق التي امتلأت بالبقع والنقاط ، والشخبطات المتقطعة ، وآثار الأصابع الملوثة ! جحظت عيناه ودخل في حالة من الذهول ، فكل شيء كان يتوقعه إلا تلك المفاجأة ، والتي كانت نتيجة عبث أخيه الصغير .
التفت إلى زميله ليريه المأساة ، لكن زميله لم يعره اهتمام ، وبتلقائية فطرية خلع الورقة ، وراح يسطر التي تحتها ويكتب عليها بطريقة سريعة وعاجلة ، وقبل نهاية السطر الأخير كان المدرس بجسده الفاره واقفًا أمامه ثم وضع إصبعه فوق السطر الأخير ، سادًا بذلك جريان القلم وركضه نحو النهاية .
يتسمر في مكانه ، عيناه تتجمدان ويتوقع صفعة على أذنه اليسرى ثم اليمنى ، يهيئ نفسه للصفعة فيصر رقبته وكتفيه ، يهمهم المدرس بصوت مرعب يتوغل في أعماق نفسه كذبذه كهربائية ، فيخرج ماء من تحته ، ويسمع زميله الخرير فيتزحزح من مكانه ، يبتعد المدرس ، والماء ينساك ويجري مشكلًا نهرًا دقيقًا ، يمتلئ الفصل بالضحك والولولة والتأفف .
ابتعد المدرس ووقف أمام السبورة ، نادى بأعلى صوته فراش الفصل لكي يأتي بسرعة ، جاء الفراش مهرولًا وحمل محسن بين يديه ، وكان ثوبه يرشح بالماء ، والأطفال يضحكون ، والأستاذ قد سد أنفه بيده ، لحظتها انسد باب المدرسة أمام محسن إلى الأبد .
كلما مر محسن بباب المدرسة وتذكر إصبع المدرس الطويلة المعقوفة ، والتي تشبه رقبة ثعبان شرس ، تذكر أن هذه الإصبع حرمته من العلم والمعرفة ، وجعلته يتخبط كثيرًا في دروب الجهل ، كلما رأى قلمًا أو كراسة أو طفلًا يحمل حقيبة تذكر الإصبع ففزع .
تشرد كثيرًا وحمل الطين والحجارة ، نام جائعًا على الأرصفة ، قاسى من الاغتراب في مدن ليس بينه وبينها ألفة ، عمل في تغيير الزيوت وتشحيم السيارات ، وعمل أعمالًا ليس بينه وبينها مودة ، لكنه ظل يقاتل شبح ذلك الإصبع الملعون ، وبعد عراك مع الأيام والسنين انتصر في معاركه من أجل كسب المال .
وحقق كثير مما يريد ولكن عقدة الإصبع ظلت تلاحقه ، وتمنى أن يرى ذلك الإصبع فينتقم ، كان يتخيلها في نومه ويقظته كشبح أسطوري ، وكانت تسيطر عليه فكرة الانتقام من ذلك العدو الكريه إلى درجة أنه نجر إصبعًا من الخشب وجعلها شبيهة بإصبع ذلك الأستاذ ، ثم يأخذ يقطعها بالفأس ويريق عليها الدماء .
وذات ليلة كان طفل يتهجى كتابه ويخطئ ، فينظر إلى أبيه مستنجدًا ، فيشيح الأب بوجهه عن عيني طفله ، وطفله يتابع في إلحاح لكي يساعده ، يدفن الأب وجهه بيديه وينخرط في البكاء ، بكى حتى ثملت عيناه بالدموع ، ثم استدار واقفًا وأقسم أن ينتقم ، وقرر قرارًا لا رجعة فيه .
ذهب وفتش بين أمتعته وفي حقائبه عن ذلك الدفتر المشؤم ، وبعد تفتيش وتنبيش عثر عليه ، حدق في مكان الإصبع التي انغرست فوق الورقة أو فوق قلبه ، ثم شرع بكل عزم وإصرار على الكتابة مبتدئًا من ذلك المكان ، من السطر الأخير .
أبراج تبث الطاقة السلبية والأفضل تجنبهم بين جميع الأبراج، هناك بعض الشخصيات التي قد تملأ…
حماية الأبراج من الحسد العين والحسد في حياة الأبراج: كيف يتأثر كل برج وكيف يحمي…
نساء شغوفات حسب الأبراج تُعدّ بعض النساء مولودات بقدرات عاطفية عالية، حيث يعبرن عن مشاعرهن…
سهم السعادة مفتاح الحظ في الأبراج سهم السعادة في الأبراج ودلالاته في الحظ والخارطة الفلكية…
3 أبراج عليها إعادة التفكير في عالم الأبراج، يُقال إن لكل برج توجهات وطموحات خاصة،…
النجمات الأكثر قوة وفق الأبراج حسب الابراج هؤلاء هن النجمات الأكثر قوة.. هل أنتِ من…