التقيتها صدفة على أعتاب الزمان ، التقيتها في اليوم التالي لمشاركتي في دورة الكتاب الابداعية ، والتي هي حلم آخر من أحلامي الراسخة في ثنايا عقلي وتحتل زاوية في القلب .
اللقاء:
انفرجت تقاسيم وجهها الصغير عن ضحكة يوم التقيتها صدفة : سلمى ، عانقتني وسألتني عن أحوالي ، فقلت لها : أنني أبحث عن السبيل لأصل إلى قصّة تحتل قلوب القراء ، ثم سألتها عن حالها ، فأجابتني : أنا السبيل ، اكتبي قصتي وانزعي هذه الشوكة المغزوزة براثنها في نفسي.
بعث القدر سلمى رأفةً بحالي ، فقد توقف قلب أفكاري عن الخفقان ، وعجز قلمي عن أن يخطّ أي حرف يذكر ، موعد لقاء الدورة القادم يقترب ، وصفحتي مازالت بيضاء ، أودعت في عهدتها تاريخاً على أجندة عام ، تاريخاً مناسبا للبدء بالمهمة ، فأخطو أولى خطواتي نحو الهدف الذي أخذ يتحقق أمامي الآن .
حياة السبيل :
وقدم اليوم الموعود ، استقبلتني في بيتها ، أدخلتني إلى غرفتها التي علقت على حائطها صورة لها برفقة والدها ، صورة عائلتها شهادة تخرجها ، وشهادة تقدير منحتها لوالدها الممرض ، وبقايا ملصقات محمية من زمن الطفولة ، عليّ ككاتبة أن أدخل في تفاصيل عالم شخصيتي .
وقد أدخلتني شخصيتي عالمها بدون حاجز ، كم أنا محظوظة ! بعد صمت قليل سألتها سؤالاً عاما لكي تبدأ بالكلام ، وأبدأ الغوص معها في أعماق بحر تجربتها ، من أي كلمة تكون قفزة إلى بحر الحديث ، كما ترين بين البيت والعمل ، العمل ممتع لكنه لم يخلو من التعب ، أعمل في صندوق المرضى ، أرد على الهاتف ،أجيب على الناس عن أسئلتهم حول حقوقهم الصحية ، وأعين لهم المواعيد للأطباء المتخصصين .
تلهفت للحديث عن العمل وبدأت تحكي عن الفرق بين الزبائن اللبقين والوقحين ، وكيف تتعامل مع كل صنف ، لم يكن هذا ما أردت أن تحدثني عنها ، لكني هززت رأسي بإصغاء وبحثت عن لحظة مناسبة لأحول مسار السرد.
حسرة:
انشق باب غرفتها ليظهر وجه أبيها ، اعتذرت لي وهرولت نحوه وقبلته ، وسألته إن كان يريد منها مساعدة ، فأجابها بصوت خافت ، بالرغم من إلحاحها الشديد أن أبقى ، إلا أنني لم أجد وقتاً مناسباً لأي حديث ، وعدتها بالبقاء على اتصال وسلكت درب المنزل ، ترافقني حسرة العائدين بخفي حنين .
يأس من الوصول للسبيل :
عاودت الاتصال بها من جديد ، مرة تلو الأخرى ، لكنها لم تجب على هاتفها ، لقاء الدورة اقترب وورقتي مازالت بيضاء ، لم أعرف منها أي شيء يستحق أن أكتب قصتها ، ماذا سأكتب ؟
هل أؤلف قصتها من خيالي ،بعد أن تراجعت عن وعدها ! هذا من حقي ككاتبة ، سأقرر أنا كيف احترق جسدها ، ومتى ، وسأتخيل شعورها ومعاناتها من الوحدة في أيام المدرسة ، وسأكتب عن نظرات الناس المستهزئة وضحكاتهم اللئيمة وحتى شفقتهم المزعجة ، في الشارة ، في الحافلة ، في الأماكن العامة .
وسأكتب مشهداً عن صعوبة العمليات الجراحية التي خاضتها ، وعن محبة أبيها ورعايته لها ، سأتخيل الأمر بنفسي ، فاختفاؤها لن يمنعني من كتابة القصة التي ستوصلني إلى العالمية ، سأطور شخصيات مدوّره مفاجئة ، وأخطط لمبنى درامي مثير وأحداث شائقة ونهاية مفاجئة .
مفاجأة ولقاء جديد :
وكانت المفاجأة ، اتصلت قبل أن أبدأ بتبديل حياتها كما يحلو لي ، واتفقنا على أقرب موعد ، جمعنا لقاء جديد ، بعد تردد قالت لي : لا أريدك أن تكتبين قصتي ، فاستغربت لماذا ؟ لأنك ذكرتني بتلك البنت من أيام المدرسة ، لقد كانت ابتسامتها فاتنة حيث مشت نحوي ، وأنا في قمة وحدتي وألمي ، وكانت كلما تقدمت يرقص قلبي فرحاً .
إلا أنها حين وصلت وحدّقت بي عن قرب بجرأة سألتني : مال وجهك ؟ كيف هيك صار ؟ أردتها أن تسألني : تلعبي معي ؟ ، لا أريد أن أستعيد شريط حياتي المؤلم ، تعبت حتى أتلفته ، ولديّ اليوم أصدقاء وعلاقات وعمل وبعدما كانت حياتي وحدة مؤلمة ، لا تؤاخذيني .
انزعاج وتساؤل :
أزعجني موقفها ، لكن لا بأس ، لن ألح عليها ، يمكنني أن أتفهم حال الجروح العميقة ، التي تركتها الحروق على وجهها المشقق في داخل داخلها ، أردت أن أتركها في حال سبيلها ، فيبدو أنها لن تكون السبيل إلى قصتي .
قبل أن تذهبين يا صديقتي ، عندي سؤال يلح عليّ دائما مطالبا بإجابة شافية : كيف يمكن لنتؤات وحروق أصبت بها عندما كنت ابنة خمسة شهراً ، حين طالت ألسنة النار جسدي ، لانشغال عائلتي عني ، أن تبقى وصمةً لي طوال حياتي ؟ كيف للمرء أن تعذبه عاهته وتحرمه من متع الدنيا إلى الأبد؟!
السبيل :
أعادتني بسؤالها الأخير إليّ ، فقد عانيت كثيراً جراء إعاقتي ، تعطل النصف الأيمن من جسدي ، يبدو أنني قد بحثت عن نفسي في قصتها ، لكي أفهم أكثر قصتي ، وأعماق البشر وهذا كما فهمت في الدورة ، جوهر العمل الأدبي .
برج الحوت اليوم على الصعيد المهني والصحي والعاطفي نسبة الحظ في الحب والزواج توقعات برج…
برج الدلو اليوم على الصعيد المهني والصحي والعاطفي نسبة الحظ في الحب والزواج توقعات برج…
برج الجدي اليوم على الصعيد المهني والصحي والعاطفي نسبة الحظ في الحب والزواج توقعات برج…
برج القوس اليوم على الصعيد المهني والصحي والعاطفي نسبة الحظ في الحب والزواج توقعات برج…
برج العقرب اليوم على الصعيد المهني والصحي والعاطفي نسبة الحظ في الحب والزواج توقعات برج…
برج الميزان اليوم على الصعيد المهني والصحي والعاطفي نسبة الحظ في الحب والزواج توقعات برج…