السطور القادمة ترويها امرأة تعيش أسوء لحظات عمرها ، تدفع ثمن كل خطأ فعلته في حياتها ، كل ظلم ظلمته وكل كلمة سوء قالتها ، سأدعها تروي لكم قصتها بنفسها لعلنا جميعًا نتعظ .

حين كنت أدرس في الجامعة تقدم لخطبتي شاب على خلق ودين ، وسيم والديه توفيا وهو صغير ، رباه عمه وحين قرر أن يهاجر حمله معه ، أكمل دراسته في الخارج وتخرج ليعمل في وظيفة مرموقة لكنه حين قرر الزواج ، قرر أن يعود لوطنه ليتزوج من أبناء جلدته .

فكان يبحث عن فتاة مقبولة تحمل نفس صفاته الشرقية ، متحفظة متدينة حتى تحافظ عليه في مجتمع الغرب المنفتح ، كنت ما أزال طالبه فأقنعني أن أكمل دراستي في الخارج ، وافقت وتم الزواج ، وسافرت معه .

فكنت أدرس في الجامعة وأذهب إلى أحد معاهد اللغة لكي أتعلم لغة الدولة التي نسكن فيها ، وهناك تعرفت على فتاة كانت في مثل عمري أو أكبر قليلًا من نفس بلدي ، اتخذتها صديقة وصرت أتبعها في كل مكان .

وبعد 10 شهور فقط من الزواج أنجبت ابنتي البكر ، وبعدها بأربعة أعوام أنجبت ابني ، كانت حياتي مستقرة ، حصلت على الجنسية بعد خمسة سنوات من الإقامة ، وصرت أشعر بالحرية ، انبهرت بالانفتاح الذي لم يكن موجودًا في وطني .

صرت أذهب إلى النوادي والمحاضرات وأعمل وأذهب مع أطفالي للتنزه ، وانشغلت كثيرًا عن زوجي ، ولا أنكر أني كنت مقصرة في شئون المنزل ، وكان زوجي يعترض من وقت لآخر ، ولكنه كان طيب لا يشتكي أو يغضب .

ولكن بعد 16 عامًا من الزواج صار زوجي يعلن عن اعتراضه بوضوح ، حينها ذهبت لصديقتي أشكي لها همي ، فنصحتني أن أطلقه ، ماذا إن طلقته سيقسم المنزل بالنصف بيني وبينه على حسب قانون الدولة .

ففكرت في خطة شيطانية وهي أن أستفزه لكي يضربني ومن ثم سأحصل على المنزل لي ولأولادي ، بدأت أنفذ الخطة بدقة ، وبدأت أتحدث مع أولادي عن والدهم بالسوء ، وبدؤوا يبتعدوا عن والدهم ويقتربون مني أكثر ، فقد كنت أحل لهم كل ما يرفضه والدهم .

في أحد الأيام عادت ابنتي إلى المنزل برفقة صديق لها ، سألها والدها من هذا فأجابت صديق ، فقال لها صديق داخل المدرسة وليس بالمنزل ، احتدم النقاش وارتفع صوت زوجي ، فبدأت بالصراخ أنا وأبنائي ، كانت الخطة تسير على ما يرام .

رفعت قضية الطلاق وشهد أبنائي معي أمام القاضي ، الذي حكم بالطلاق وبأن تكون حضانة الأولاد معي ، حينها كانت الفتاة في السادسة عشر والصبي في الثانية عشر من عمره ، مرت الأعوام ولم أتزوج .

فقد أصبحت مطمع لمن يريد إقامة وجنسية الدولة ، أو لكبار السن ، ولا يمكن أن يطلبني شاب للزواج ، من سيتزوج من مطلقة معها شابان في المنزل ، خمسة أعوام كاملة أصبحت ابنتي في الحادية والعشرين من عمرها وابني في السابعة عشر من عمره .

أكملت ابنتي الدراسة الجامعية ، وابني أيضًا كان يدرس ويعمل في ورشة للسيارات ، اختفى أثر زوجي تمامًا فقد كان كلما أتى للزيارة نقابله بطريقة سيئة جعلته يبتعد عنا بدون أثر .

وفي أحد الأيام عادت ابنتي إلى المنزل فرحة وأخبرتني بأن هناك شاب عربي تحبه ويريد أن يتقدم لخطبتها ، وافقت على الفور وأتت والدة الشاب لتتعرف علينا بالمنزل ، أخبرتني أن والد الشاب يريد أن يقابل والد الفتاة ، أخبرتها بأننا منفصلين منذ أعوام وأننا لا نعلم عنه أي شيء .

كان والد الشاب مصرًا على رأيه فما كان مني إلا أن أبحث عنه في كل مكان ، تحدثت إلى أحد معارفي ورجوتها أن تبحث عنه ، بالفعل أحضرت لي العنوان وذهبت أنا وابنتي إليه ، كان مازال كما هو لا يبدو عليه العمر أبدًا على عكسي تمامًا ، بل كان يبدو أصغر مما تركنا .

روينا له القصة ووافق على أن يأتي ، بالفعل جاء اليوم المشهود مع أهل الشاب لخطبة ابنتي ، جاء والدها وزوجته فقد دعوتها ذوقيًا ، وجاءت صديقتي صاحبة النصيحة القديمة ، بعد أن تم الاتفاق على كل شيء وكان الجميع سعداء قالت صديقتي لابنتي ، لا أصدق بالأمس كنتِ تشهدين ضد والدك أمام القاضي ، واليوم تجلسين بجواره ليزوجك .

صعق الجميع وبدأت أشهر أن العالم ينهار من حولي ، خاصة بعد أن بدأت صديقتي تروي كل ما حدث لأهل الشاب عن خطتها ، وكيف أنها جعلتني وجعلت الأولاد يطلبون الشرطة لوالدهم ويقفون ويشهدون ضده أمام القاضي ، بدأت أسبها وألعنها وطردتها من منزلي ، ولكن والد الشاب قال نحن آسفون لن نزوج ابننا لفتاة طلبت الشرطة لأبيها .

كيف يأمن ابني على نفسه مع فتاة شهدت بالكذب ضد والدها بالمحكمة ، وغادر الأهل على الفور ، وبدأت ابنتي تسبني بكل الشتائم وتتهمني أني دمرت حياتها ، غادرت ابنتي المنزل وصعد ابني غرفته رافضًا أن يتحدث معي .

فثلاثة أيام كاملة لا استطيع أن اصل إلى ابنتي لا ترد على هاتفها ، حتى كلمني والدها وأخبرني أنها عنده وان آتي لكي أطمئن عليها ، ذهبت إليها فطردتني وأخبرتني أنها تريد أن تبقى مع والدها ، تستمتع بحنانه الذي حرمتها منه.

وبعد أسبوع واحد تعرض ابني لحادث في عمله وقطعت أصابع يده ، كان حزينًا وغاضبًا ، واتهمني بأنني سبب كل شيء سيء يحدث معه ومع شقيقته ، تركني أولادي ، وصرت وحيدة وصار المنزل الذي حاربت من أجله ، ووضعت أبنائي أمام والدهم من أجله فارغًا خاويًا إلا مني .

أشعر بندم شديد وبألم أكبر ، أشعر أنني لم أكن أفكر ، كيف صدقت هذه الحية التي سممت حياتي ودمرت أسرتي ، لكني لا ألومها وحدها ، فأنا أيضًا أحمل الوزر ، أنا أيضًا أستحق العقاب ، أدعو الله ليل نهار أن يسامحني وأن يرد لي أولادي ، وأن يسامحوني ويسامحني طليقي على ما فعلته به وعلى ما جعلته يعانيه .

By Lars