كان هناك جامع صغير في أحد المدن الكبرى ، وكان الشيخ الإمام يلاحظ أن أعداد المصلين في تراجع دائم ، وخاصة الشباب ، فكان نادرًا أن يجد شابًا في المسجد .
وفي أحد الأيام وبعد انتهاء الصلاة سأل المصلين لماذا يتناقص عدد المصلين ، ولماذا لم يعد هناك شباب يصلون في المسجد ، فقالوا له أن الشباب والكثير من الرجال يقضون أيامهم في أحد الملاهي والمرقص .
فتعجب الشيخ وسأل وما هو المرقص ؟ ، فأجابوه أنه مكان يوجد به خشبة مسرح وتقف عليها الفتيات يرقصن وحولهن الشباب ، ويقدم المرقص الخمور والمشروبات المختلفة ، ، فقال لهم الشيخ لابد ألا نتركهم ، لا بد أن ننصحهم .
فتعجب منه المصلين وسألوه ننصحهم وهم في المرقص ؟ ، فأجاب الشيخ نعم ، ولنا في الرسول صلّ الله عليه وسلم قدوة فقد كان ينصح الناس في كل مكان وفي أي وقت ، حينها طلب من المصلين أن يذهبوا معه إلى المرقص ، فتعجب المصلين لكنهم وافقوه .
حين ذهبوا إلى هناك كان صاحب المرقص يقف أمام الباب ، وظن أنهم ذاهبون إلى أحد الأماكن لتلقي درسًا ما ، لكن حين رآهم يقتربون منه تعجب كثيرًا ، ومنعهم من الدخول ، بدأ الشيخ يحاول يقنعه بشتى الطرق ، وبدأ يذكره بالثواب والأجر العظيم لكن دون فائدة .
وبعد عدة محاولات قرر الشيخ أن يغريه بالمال ، وبالفعل بعد مفاوضات وافق صاحب المرقص أن يسمح لهم مقابل أجر يوم كامل ، وأتفق معهم على أن يأتوا في اليوم التالي ، بالفعل عاد الشيخ والمصلين إلى المرقص .
بعد أول الفقرات أطفأت الأضواء وأسدل الستار ، ودخل صاحب المرقص يقدم الشيخ الذي اعتلى المسرح ، حتى ظن البعض أنها فقرة كوميدية أو سخرية ما ، وبدؤوا بالضحك والحديث ، ولكن بعد قليل خرج من بينهم شخص طلب منهم أن يستمعوا لما يقوله الشيخ .
وبدأت الأصوات تهدأ وتنخفض حتى صمتت تمامًا تستمع إلى الشيخ ، والذي كان يتحدث عن الرحمة وعن التقرب من الله والصلاة ، وكان الشيخ يقول العديد من الآيات حول المغفرة والتوبة ، ويذكر من أحاديث النبي صلّ الله عليه وسلم ، ومن القصص التي يتخذ منها العبر .
تحدث طويلًا عن قصص التوبة ، وعن العصاه الذين تابوا وعادوا إلى الله ، وغفر لهم الله وقبل توبتهم ، تأثر الكثيرين بما يقوله الشيخ ، بل أن بعضهم بدأ في البكاء ندمًا لما يستمع إليه ، استمر الشيخ في حديثه حتى شعر بتأثر الجميع .
حينها بدأ يدعو الله بصوت حزين ممتزج بالدموع يرجو من الله المغفرة والرحمة ، وقبول التوبة ، ويطلب من الله الثبات والتقوى والعمل الصالح ، خرج الشيخ من المرقص ورافقه كل الموجودين بداخله بعد أن أعلنوا توبتهم ، حتى أن صاحب المرقص قرر أن يتوب وألا يعود إلى ما كان يفعله ، حول المرقص إلى مكتبة كبيرة بها الكثير من الكتب من أجل طلبة العلم ، وعاد الشباب والرجال إلى المسجد من جديد يصلون ويتقربون من الله.
العبرة من القصة :
أحيانًا يجب أن نخاطر من أجل الدعوة للخير وعمل الأشياء الصالحة التي ترضي الله عنا ، لابد وأن نضع الله أمام أعيننا في كل تصرف وأن نبتغي رضا الله ، يجب أن نتذكر أن القلوب في يد الله يقلبها كيف يشاء ، وألا نحكم أبدًا على أحد أن لا أمل فيه ، لأن الله قادر على كل شيء ، وقادر على هداية أي شخص مهما كانت أفعاله .