في يوم من الأيام ، خرج محمود في الصباح ، حتى يذهب إلى المدرسة ، أخذ ينتظر الحافلة المدرسية ، في الشارع ، فسمع إحدى السيدات ، وكانت تفترش الأرض في الشارع ، وتقوم ببيع الخضروات ، كانت تبكي بصوت مرتفع ، وأخذت تحدث سيدة أخرى ، وتقول لسيدة أخرى بجوارها : ” لقد أغضبني ابني أمس ، ودفعني على الأرض ، بمنتهى القسوة .
فردت عليها السيدة ، قائلةً : ما الذي يجعل ابنك يفعل بك ذلك ؟ فأنت كبيرة في السن ، وتمرضين كثيرًا ، حتى تجلبي إليه المال ، وتوفري إليه الطعام ، له ، ولأخواته ” ، ردت السيدة العجوز ، وقالت : ” لقد كان يريد بعض الأموال ، ولكنني كنت أرغب في شراء الدواء الخاص بي ، لأننى مريضة منذ يومين ، فرفض ابني بشدة ، أن يجعلني أشتري ذلك الدواء ” ، حزنت السيدة الأخرى ، وقالت : ” لا أعلم ، لماذا يفعل أبناؤنا ذلك فينا عندما يكبرون ؟ ” .
كانت تلك المرأة العجوز تتألم كثيرًا ، وكانت تشتكي من ألالام في ظهرها ، ولم تكن تتمكن من الجلوس على الأرض ، حينها لم يتمكن محمود من الانتظار ، فقد كان يشعر بالحزن ، والأسف الشديد ، وأخذت عيناه تغرورتان بالدموع ، دنا محمود من السيدة العجوز ، وابتسم إليها ،و قال لها : ” أريد شراء بعض الأشياء ” ، وبالفعل اشترى بعض الخضروات .
شعرت العجوز بالرضى ، وابتسمت لمحمود ، وقالت : ” تفضل يا ولدي ” ، كانت تلك العجوز تتألم ، وتتعذب كثيرًا من ظهرها ، حتى أنها لم تتمكن من رفع الخضار إلى محمود ، ومناولته إياه ، حينها تألم محمود كثيرًا ، أخرج محمود كافة في جيبة ، من النقود ، وأعطاها للمرأة العجوز ، ورحل .
فجأة ، نادت العجوز على محمود ، وأخبرته بأن المال ، يفوق سعر الخضروات ، ورفضت أخذه ، فأخبرها محمود ، بأنه قد سمع حديثها عن تعبها ، وأخبرها بأنه يمكنها شراء الدواء ، الخاص بها ، حتى يشفى ظهرها ، وترجى منه أن تقبل ذلك منه ، وأخبرها بأنها كأمه ، وأراد أن يشتري لها الدواء .
ابتسمت المرأة العجوز ، وخجلت كثيرًا من محمود ، وقالت : ” جزاك الله خير الجزاء ، ولدي الحبيب ، فإنك رقيق القلب ، عطوفًا بدرجة كبيرة ، إلا أنني لا أعرف ، ما اسم الدواء ، وكل ما أتذكره ، أنه باللون الأخضر ، ولعلاج آلام كل من الظهر ، والمفاصل ” .
استأنفت العجوز قائلةً : ” إن أقدامي تؤلمني كثيرًا ، ولا يمكنني الحركة ” ، لم يتردد محمود ، وأخبرها بأنه سيتصرف ، وذهب على الفور ، إلى الصيدلية القريبة من بيته ، وصف محمود الدواء للصيدلي ، الذي تعجب من أنه لا يعرف اسمه ، فشرح له الأمر ، وأخبره بأنه ليس له ، على الفور جلب الصيدلي الدواء ، وأعطى لمحمود ثلاث علب منه .
قال الصيدلي لمحمود : ” تفضل يا بني ، أعطهم للعجوز ، ولا أريد مقابلًا ، فكم أنت طيب ، ورقيق القلب ، تعطف على الفقراء ، وتكرمهم ، وأنت في عمر صغير ” ، من ثم ، أخرج الصيدلي وريقة صغيرة ، وكتب عليها : ” يتم صرف الدواء بالمجان ، لحامل هذه البطاقة ” وأعطاها لمحمود .
ناول الصيدلي محمود الوريقة ، وأخبره بأن يعطيها للعجوز ، حتى تسعد ، ولا تحمل همًا ، في أي وقت ، فشكره محمود كثيرًا ، وأخذ الدواء ، ورحل ، ومن ثم عاد مسرعًا إلى العجوز ، وهو فرح للغاية ، ففرحت هي الأخرى فرحًا شديدًا ، وشكرت ربها كثيرًا ، ومن ثم شكرت محمود ، ودعت كثيرًا لمحمود ، والصيدلي .