سنحكي اليوم قصة ممتعة ، ومسلية لأطفالنا الأحباب ، من كتاب القصص الرائعة ، كليلة ودمنة ، يمكن أن نرويها عليهم قبل النوم ، حتى تترسخ في نفوسهم ، ويبقى أثرها في أعماقهم ، فما أجملها من قصة ، وما أروع دروسها المستفادة ، تعالوا بنا نحكي حكايتنا لهذا اليوم فيما يلي :
في قديم الزمان كانت هناك سلحفاة ، وبطتين ، كانوا يعيشون جميعهم في صحراء صفراء ، كان يوجد فيها عين من الماء ، كانوا يعتمدون عليه في معيشتهم ، يشربون من ماء هذه العين كما يشاءون ، ويقضون جميع أغراضهم اليومية منها ، وعرف عن البطتين والسلحفاة ، أنهم كانوا أصدقاء مخلصين إلى بعضهم البعض ، وأوفياء إلى بعضهم بدرجة كبيرة ، كانوا يعيشون معًا على الضراء ، كما يحيون سويًا على السراء ، لا يفرقهم مفرق ، ولا يبعد عنهم شيء .
وفي صباح يوم من الأيام ، استيقظوا على مفاجأة غير سارة ، حيث وجدوا ماء العين ، قد نقص ، وقل بمعدل كبير جدًا ، فما العمل الآن ؟ صدمت البطتان ، وصدمت السلحفاه ، ووقف الجميع في حيرة ، ودهشة شديدة ، ماذا يفعلون أمام هذا المصاب ؟ جاءت البطتان ، وقد قالت كل منهما : لا ينبغي أن نظل ها هنا أكثر من ذلك ، فقد توجب علينا الرحيل ، والبحث عن عين أخرى من الماء ، نتمكن من خلالها أن نحيا حياة آمنة ، بلا خوف ، ولا ضرر .
هنا ودعت البطتان صديقتهما السلحفاه ، وهموا معًا قائلتين : السلام عليك عزيزتنا السلحفاه ، فإنا زاهبتان إلى مكان آخر ، نجد فيه عينًا مليئة بالماء ، فها قد رأيت ما حدث لهذه العين ، وما أصبحت عليه من ندرة شديدة في الماء ، مما قد يعرض حياتنا للخطر الشديد ، فردت عليهم : أنا أيضًا أعيش على الماء ، وبدونه سأموت ، أرجو منكما أن تأخذاني معكما ، حتى لا أموت .
تعجبت البطتان قائلتين : كيف لنا أن نأخذك أيتها السلحفاة ، نحن نتسم بالسرعة في الطيران ، أما عنك ، فلا تجيدين الطيران ، وخطواتك هادئة جدًا ، حاولت السلحفاة إقناع البطتين ، فإن تركاهل ستموت ، فكرت البطتان مليًا ، ثم خطرت ببالهما طريقة تمنكهم من إقاذ صديقتهما .
توصلت البطتان إلى فكرة مدهشة ، وهي أن تعض السلحفاة بفمها على عود طويل شيئًا ما ، وتحمل كل من البطتين ناحية من العود ، ولكن قالا للسلحفاة : هناك شرط حتى نصطحبك معنا بأمان ، وهو ألا تفتحي فمك مطلقًا ، مهما حدث ، وألا تتكلمي مع أحد مهما كان ، حتى لا تسقطين ، فإنا حريصون عليك ، ونحبك كثيرًا .
وافقت السلحفاة على الفور ، وبالفعل طاروا جميعًا ، مما أدهش الناس ، لما رأوا منظرهم العجيب ، ودهشوا أن تطير سلحفاة في السماء مع البطتين ، هنا ابتسمت السلحفاة بسخرية منهم ، وقالت : نعم ، أنا أطير أيها الحمقى ، أطير رغم أنفكم ، لم تكمل السلحفاة حديثها ، حتى وجدت نفسها هوت على الأرض ، وماتت على الفور ، فهي بمثابة قصة قاتل مأجور، أودى بنفسه .
ونتعلم من هذه القصة أن نطيع من هم أكبر منا ، ومن يصادقوننا بوفاء ، فهم يحرصون علينا ، ويخشون علينا من أي ضرر .