حينما دُفع الباب اعتدل ثعلوب ، وكادت الخيبة أن تغلبه ، حيث أن أمه لم تأتِ كما كان يتمنى ، بل إن جده هو الذي أتى ، ولكنه بمجرد أن رأى جده وهو يضع قطعة من العسل فوق المائدة ؛ شعر بأن آماله تنتعش ، ثم تحدث في سره قائلًا : ثعلب حقيقي .
وفي الحقيقة كانت هذه الكلمة التي قالها من أجل جده ، الذي طالما كان يقول : إن الثعلب الحقيقي هو الذي يستطيع الحصول على العسل بأي طريقة ممكنة ، ثم نهض ثعلوب مقتربًا من المائدة ، ثم قال : يا جدي .
نظر الجد إلى ثعلوب وهو مرتابًا ، ثم قال له : ثعلوب ؛ عليك أن تنتظر ، ستأتي أمك وستقوم بإرضاعك حتى تشبع ، فأجابه ثعلوب قائلًا : لقد فطمتني أمي يا جدي ، ثم نظر إلى قطعة العسل فوق المائدة قائلًا : أريد قطعة .
قام الجد بمقاطعة ثعلوب قائلًا : لا يا بني ؛ فأنت لازلت صغير ، والعسل قد يضرك ، فلاذ ثعلوب بالصمت لأنه يعلم جده جيدًا ، فهو لن يعطيه شيئًا بإرادته ، ثم وثب فجأة وصاح قائلًا : يا جدي ؛ أسرع ؛ الأرنب .
انطلق الجد بسرعة البرق إلى الخارج بعد أن سمع نداء ثعلوب ، ثم عاد أيضًا كالبرق ، ولكن الأوان كان قد فات بالفعل ، حيث أن قطعة العسل قد اختفت من فوق المائدة ، فحدقّ الجد في ثعلوب ، ثم بدأ يقترب منه .
كان يقول الجد من بين أسنانه وهو ذاهب باتجاه ثعلوب : آه .. الأرنب .. ، في ذلك الوقت أطلق ثعلوب سيقانه للريح وأسرع في الهرب قبل أن يطبق الجد على عنقه ، وبينما كان يفر هاربًا من جده صاح قائلًا : يا جدي ؛ لا تغضب ، فأنا مثلك .. ثعلب حقيقي .
الحكمة من القصة : لا تحاول أن تكون أذكى ممن هم مثلك ، حيث أنهم يتمتعون بنفس ذكاءك ودهاءك ، ومن الأولى أن تتعامل معهم بمنطق وأن تُحسن التصرف حتى لا تخسر كل شيء .
القصة من الأدب العربي للكاتب : طلال حسن