أحيانًا أكون راية من قماش ، وأحيانا أكون بلا قماش ، فأنا راية الإسلام ، دين الله الحنيف ، الذي أرسل به محمدًا خاتمًا للأنبياء والمرسلين ، وفي حياتي أيام لا تنسى ، وأحداث يسجلها التاريخ ، بأحرف بارزة من النور .

راية الإسلام في يثرب :
وكانت يثرب ، هي أول مدينة رفرفت في سمائها ، وهي التي سميت بعد ذلك المدينة المنورة ، بعد أن هاجر إليها الرسول وأصحابه نجاة بدين الله من أذى قريش ، وكيدها للمسلمين ، وقد كنت أرفرف وأنا فرحة بالإخاء بين المهاجرين والأنصار ، وضرب الأنصار أروع الأمثلة في استضافتهم للمهاجرين ، قدموا لهم ما يملكون ليتقسموه معهم .

راية الإسلام في معركة بدر :
وكانت معركة بدر هي أول معركة أكون فيها اللواء ، وقد دافع عني الأبطال البواسل من المسلمين ، دفاعًا رائعًا وعظيمًا تساندهم الملائكة ، فهزموا الكفار شر هزيمة ورفعوني عالية خفاقة ، أنا راية الإسلام .

راية الإسلام في معركة أحد :
وكدت أنتكس في معركة أحد ،ثم في معركة الخندق ، ولكن الله أمد المسلمين بعونه وفضله ، فصبروا وصابروا ، وجاهدوا واستشهدوا ، واستعذبوا الموت في سبيل الله ولنصرة دين الله ، فبقيت عالية خفاقة ، يزداد كل يوم عدد من يستظلون بي ، أنا راية الإسلام .

راية الإسلام يوم فتح مكة :
وارتفعت وعلوت في سماء مكة ، يوم فتح مكة ، يوم جاء نصر الله والفتح ، ودخل الناس في دين الله أفواجًا .. وانتكست راية الأصنام وطويت ، ولم تقم لها بعد ذلك قائمة ، وبعد فتح مكة بعام واحد ، كنت أرفرف فوق الجزيرة العربية كلها ، بعد أن جاءت الوفود تلو الوفود إلى الرسول تعلن إسلامها ، واستظلالها بي ، أنا راية الإسلام .

راية الإسلام يوم حجة الوداع :
وفي السنة العاشرة للهجرة ، يوم أن حج الرسول حجة الوداع ، كنت أرفرف من فوق مايزيد على مائة ألف مسلم ، كانوا يطوفون مع محمد رسول الله حول بيت الله الحرام ، ما أروعه يومًا وما أعظم ذكراه !

راية الإسلام في الغزوات مع الرسول :
وتطوف بي الذكريات ، وتتتابع الأحداث ، فقد رافقت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في جميع خطواته خطوة خطوة ، وفي جميع غزواته ، وعرفت أيامه ولياليه ، وشهدت أعماله ، وسمعت أقواله ، وأشهد أنه كان عظيمًا في كل شيء ، كان إنسانًا ، وقائدًا ورائدًا وشجاعًا وحكيمًا ، ونبيلاً وسمحًا ، لا أستطيع أن أحصي مناقبه أو أعد سجاياه وكفى وصف الله له ، في كتابه الكريم : بسم الله الرحمن الرحيم (وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ) صدق الله العظيم ..

راية الإسلام في حب الرسول :
لقد أحببته صلى الله عليه وسلم حبًا جمًا ، كما أحبه كل الناس ، وكنت أزهو وأسعد وأنا أرفرف كل يوم فوق أفواج وأفواج جديدة من الناس ، تفد إليها تعلن إسلامها ، وتعاهده على أن تنشر دعوته وترفعني أنا راية الإسلام .

راية الإسلام يوم وفاة الرسول :
إلى أن كان يوم ، هو أسوأ يوم في حياتي ، اضطربت فيه اضطرابًا شديدًا ، وهزني الفزع ، وأنا أستمع إلى النبأ الذي لم أصدقه مثل الكثيرين من المسلمين ، عمر بن الخطاب نفسه لم يصدق ، وهدد من يردد النبأ ، وبقى المسلمون فترة في حيرة وفزع واضطراب ، إلى أن ارتفع صوت أبي بكر الصديق يقول : ( أيها الناس من كان يعبد محمدًا فإنّ محمدًا قد مات ، ومن كان يعبد الله فإن الله حيٌ لا يموت) .

ثم قرأ عليهم قول الله تعالى في كتابه الكريم ، بسم الله الرحمن الرحيم (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ) صدق الله العظيم .

راية الإسلام وتوتر المسلمين بعد وفاة الرسول :
فيقول عمر كأنني لم أتل هذه الآية قط ! ، ويسود الناس صمت طويل حزين ، ولكن لابد أن يخرجوا منه ، إن هناك جيشًا في الشام يحمل رايته أسامة بن زيد ، أعده الرسول قبل وفاته ، وهناك غير ذلك الذين انتهزوا فرصة وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وارتدوا عن الإسلام ، والذين كفوا عن دفع الزكاة ، والذين أعلنوا العصيان ، وحاولوا أن ينزلوني من فوقهم ..أنا راية الإسلام !

راية الإسلام ترفرف في كل مكان :
وتتدافع الأحداث ، كرة بعد الأخرى ، ويعود المرتدون إلى الإسلام ، ويدفع الزكاة من كانوا قد توقفوا عن دفعها ، ويقضي على العصيان ، وأعود أنا راية الإسلام وأرتفع في كل مكان ارتفعت فيه من قبل .

راية الإسلام :
وعلى يد خالد بن الوليد ، وأبي عبيدة بن الجراح ، وسعد ابن أبي وقاص ، وعمرو بن العاص ، وأسامة بن زيد ، وكثيرين كثيرين غيرهم من جنود الله المغاوير ، أرتفع وأعلوا فوق بلاد الفرس وبلاد الروم وحصونهم .

وتتابع الفتوحات ، حتى أصل إلى الأندلس غربًا ، وإلى الصين شرقًا ، وليصبح عدد من يستظل الآن بي ، أنا راية الإسلام ، ما يزيد على سبعمائة مليون مسلم ومسلمة ، من جميع الأجناس ومن مختلف الشعوب .

By Lars