وصل ماجد بصحبة أبيه إلى دكان الخياط ، حيث كان يحمل قطعة قماش ملونة بيده ، لأنه كان يريد أن يخيط طقمًا للعيد ، فأخذ الخياط مقاس ماجد ، ثم وعده بأن ينتهي من خياطة الطقم بعد أسبوع ، وقام فيما بعد بوضع قطعة القماش على الرف .
حينما حلّ المساء ؛ قام الخياط بإغلاق باب دكانه ، ثم ذهب إلى بيته ، وكان الظلام في ذلك الوقت داخل الدكان دامسًا ، كما كان السكون مخيمًا عليه ، وفجأة سمع كل من المقص والإبرة صوت شيء يبكي ، فقاما بالبحث عن مصدر ذلك الصوت ، حتى توصلا إلى أنه يأتي من فوق الرف .
لقد كانت قطعة القماش الملونة هي التي تبكي ، فسألها المقص :”ماذا بك أيتها الضيفة العزيزة ، لماذا هكذا تبكين؟” ، فأجابت قطعة القماش الملونة :”أنا أبكي على تعاسة حظي ، حيث أنني حينما أصبحت جوزة قطن ؛ قام الفلاح بقطفي على الفور ، ثم أرسلني إلى معمل الغزل ، وهناك قام العمال بتحويلي إلى قطعة نسيج” ، ثم تنهدت قطعة القماش الملونة قبل أن تُكمل حديثها .
أضافت قطعة القماش قائلة :”وبعد أن قام التاجر بشرائي ووضعني على الرف ، حينها شعرت بالارتياح ، كما كنت أشعر بالسرور حينما كنت أشاهد الناس وهم يدخلون ويخرجون من المتجر ، ولكن حينما جاء أبو ماجد واشتراني بالصدفة ، شعرت بتغير الحال ، حيث أنه ستجري لي عمليات جديدة في الغد ، حيث سيتم قصي بشفرتين حادتين ، كما أنه سيتم وخزي بالإبرة ، يا الله كم أشعر بالخوف”.
قام المقص بالنحنحة قبل أن يتحدث قائلًا :”أنت تبالغين في حديثك يا صديقتي ، فما هي قيمة حياتك إذا بقيت هكذا مركونة على الرف ، حيث ستأكلك العثّة ، ويتم رميك في حاوية القمامة ، أما في حالة تحويلك إلى طقم عيد ، فإنك سترين الأطفال أثناء نفخهم بالوناتهم الملونة ، كما ستركبين الأراجيح ، في حين سنبقى أنا وصديقتي الإبرة جالسين على الطاولة ، ونحلما بلحظات الفرح”.
وتدخلت فيما بعد الإبرة بقولها :”إن ما قاله صديقي المقص لك صحيح ، ومع ذلك فسأعمل كل ما في وسعي كي أدخل في مساماتك من أجل ألا أصيبك بالوجع أثناء الخياطة ، وتذكري أنك ستكونين السبب في إدخال البهجة إلى قلب ماجد” ، فارتاحت قطعة القماش وتمكنت من الارتخاء بعد إصابتها بالتجعد أثناء انفعالها ، ثم راحت في النوم وهي تحلم بمجيء يوم العيد.
القصة للكاتب السوري : خير الدين عبيد