يُروى عدة حكايات وأمثال في فضل التواضع في الإسلام ، وقد سبقنا له النبي محمد صلّ الله عليه وسلم ، فهو من أعطى وعلم المسلمين جميعًا ، فضل التواضع في الإسلام وقد انتهج نهجه من بعده أمراء المؤمنين ، والمسلمين جميعًا .
تواضع النبي صلّ الله عليه وسلم :
فيروى أنه في يوم من الأيام ، قدم إلى النبي عليه أفضل الصلوات وأذكى التسليمات ، وهو بالمدينة عدي بن حاتم ، وقد كان نصرانيًا ، فأخذه إلى بيته ، وبينما هما في الطريق إذ قابلت رسول الله صلّ الله عليه وسلم ، عجوز ضعيفة فاستوقفته زمنًا طويلاً ، تسأله عن بعض أمورها ، فوقف لها حتى انتهت ، فأعجب عدي بتواضعه .
ولما وصلا بيت الرسول قدّم إليه وسادة ليجلس عليها وجلس النبي صلّ الله عليه وسلم على الأرض ، وصار يحدث ضيفه حتى اقتنع بأنه رسول الله حقًا ، فآمن به وصدقه .
تواضع أبي بكر الصديق وزهده :
ومما يروى عن تواضع سيدنا أبوبكر الصديق رضيّ الله عنه ، فقد كان من أزهد الناس ، وأكثرهم تواضعًا في أخلاقه ، ولباسه ومطعمه ، وكان لبس خلافته :الشّملة والعباءة .
وقدم إليه زعماء العرب وأشرافها ، وملوك اليمن ، وعليهم الحُلل والحبر وبرود الوشي المثقل بالذهب ، والتيجان ، فلما شاهدوا ما عليه من اللباس والزهد ، والتواضع والنسك ، وماهو عليه الوقار والهيبة ، ذهبوا مذهبه ونزعوا ما كان عليهم.
وكان ممن وفد عليه من ملوك اليمن (ذو الكلاع ) ملك الحمير ، ومعه ألف عبد دون ما كان من عشيرته ، وعليه التاج وما وصفنا من البرود والحلل ، فلما شاهد من أبي بكر ما وصفنا ، ألقى ما كان عليه وتزيّا بزيّه ، حتى إنه رُئي يومًا في سوق من أسواق المدينة على كتفه جلد شاة ، ففزعت عشيرته لذلك ، وقالوا : قد فضحتنا بين المهاجرين والأنصار والعرب .
قال : أفأردتم منى أن أكون ملكًا جبارًا في الإسلام ؟ لا والله ، لا تكون في طاعة الرب إلا بالتواضع لله ، والزهد في الدنيا ، فتواضعت الملوك ، ومن ورد عليه الوفود بعد التكبر ، وتذللوا بعد التجبر .
قال عمر بن إسحاق ، قال علماء السير : كان أبو بكر للحي أغنامهم ، فلما بويع بالخلافة ، قالت جارية من الحي : الآن من يحلب لنا الغنم؟.. فسمعها أبي بكر فقال : لأحلبنها لكم ، وأرجو ألا يغيرني ما دخلت فيه ، من الخلافة عن خلق كنت فيه ، فكان يحلب لهم ، رحمه الله وأجزل ثوابه ِِ.