يروى أنه في قديم الزمان في سالف العصر والأوان ، حكاية جميلة من حكايات اندونيسيا ، فالشعوب تصنع حكايات جميلة تتناقلها الأجيال ، وتطير بها من زمان لزمان ، وتثير فينا حبا للشعوب والناس والحياة على كوكبنا، ومن أرض اندونيسيا جاءتنا الحكاية التالية ، حكاية تل النمل ، كما تروى من التراث على لسان الأجداد .

الشقيقان :
على ضفة نهر في سومطرة عاش شقيقان الأكبر ، اسمه ميراه شاجا يمارس العمل في غير إتقان ، لذلك لم يكن يحصل منه على الكثير من المال ، في حين أن أخاه ميراه سيليو الصغير يقضي وقته في صيد السمك ، فما كانت هناك مدرسة ليلتحق بها ، وكان شاجا يسخر من أخيه لكنه لم يحل بينه وبين هوايته ، بل أنه كثيرًا ما كان يردد : لعله يصطاد لنا سمكًا نأكله ، وإذا نجح في اصطياد ما يفيض عن حاجتنا فسوف نبيعه ونشترى ثيابًا !.

اندونيسيا حقل الذهب :
ولم يكن سيليو موفقًا في صيد السمك ، وفي كل مرة يذهب إلى النهر ويلقى بشباكه لا يجد فيها بعد حين إلا بعض الديدان ، فلا يكون منه إلا أن يعيدها إلى الماء ، وذات يوم قرر فيما بينه وبين نفسه أن يسلقها ، فوضعها في إناء وأوقد من تحته النار وإذا به أمام مفاجأة ضخمة ، إذ إنها تحولت إلى ذهب وفضة وأذهله الأمر لكنه سلق كمية أخرى ، وإذا بها هي أيضًا تصبح ذهبًا وفضة إلى اليوم ، ما زال هذا المكان من ضفة النهر يسميه الناس في إندونيسيا : حقل الذهب .

غصب شاجا من أخيه :
وكان شاجا يتجول هنا وهناك ، باحثًا عن عمل يرتزق منه وقد ترامى إلى أذنيه أن شقيقه الأصغر ، يطبخ الدود بل تجاوز الناس فيما قالوه ، فادعوا أنه يأكله ، وغضب شاجا غضبًا شديدًا ورأى في ذلك فضيحة وعارًا ، يلحق بهما ويسئ إلى سمعة الأسرة ، وأعلن أنه سوف يعاقب أخاه بشدة إذا ما ثبت أن ذلك صحيح .

بقايا قشور ذهبية :
وسارع الناس إلى سيليو الصغير ، ونقلوا إليه ما قاله شقيقه وما هدد به ، فلم يجد أمامه من سبيل إلا أن يهرب منه ، ويبتعد عنه وجمع ذهبه وفضته وجرى ليختفي وسط أدغال جيرون ، وعندما عاد شاجا إلى البيت ، لم يعثر على شقيقه ، وكل ما استطاع أن يجده هو بقايا قشور ذهبية تركها سيليو .

البحث وانقطاع الصلة والندم :
بحث شاجا عن أخيه في كل مكان ، وسأل عنه كل الناس غير أن أحدًا لم يره ، وما عرف إنسان أين مضى ! وأين يختبئ ! وعاتب شاجا نفسه على أنه تسرع بإعلان تهديده بعقاب شقيقه ، قبل أن يتحقق من صدق ما قالوه عنه ، وشعر الأخ الكبير بحزن عميق وأسى شديد ، لأنه فقد شقيقه ولم يعد يعرف أين وكيف يعيش هذا الصغير المسكين .

وكانت الأدغال التي لجأ إليها سيليو واسعة شاسعة وليس من السهل البحث فيها عن إنسان ، خاصة أن أشجارها كثيفة متشابكة ، وليس من الميسور التجول فيها ، ولم يعرف سيليو شيئًا عن محاولات شقيقه المضنية الشاقة للبحث عنه ، ولم يسمع عنه خيرًا إذ انقطعت الصلة بينهما تمامًا مع الأسف .

الأخ الصغير في الأدغال :
وفي هذه الأدغال عاشت يومئذ بعض القبائل الرحل ، تتنقل من مكان إلى آخر بحثًا عن رزقها وطعامها ، ولم يكن ذلك الطعام يزيد على أرنب يصطادوه ويشوونه ، وأشياء من هذا القبيل ، وقد رأى سيليو أنه من الممكن أن يعيش معهم ، وقد أحسنوا استقباله ورحبوا به ترحيبًا كبيرًا ، خاصة وقد وجدوا أن معه ما ينفقه من ذهب وفضه ، وأنه لن يكون عالة عليهم ، وهو يستطيع أن يتحمل مسئولية نفسه ، بل لقد رأوا فيه شخصًا غنيًا ثريًا قادرًا على أن يشترى ثيابًا أنيقة وأشياء ثمنيه .

شخصصًا مهمًا ذو مكانة :
وقد أصبح شخصًا مهمًا له مكانته فيما بينهم ، لأنه يكلفهم بأعمال يقومون بها ويدفع لهم مقابلها مكافآت وأجورًا معقولة ومقبولة ، وقد اشترى منهم كلبًا دربه على أن يعينه ويساعده على الصيد ، وأطلق عليه اسم برساي وقد أحبه كثيرًا وعامله بلطف ورقة .

قمة التل :
وذات يوم كان سيليو مع برساي في رحلة صيد ، وانطلق الكلب يجري خارج الأدغال ومن ورائه صاحبه لا يدري إلى أين يمضي ، ووقف الكلب عند قاعدة تل ، وراح ينبح بصوت عالي متواصل !! دون أن يعرف سيليو السر في ذلك ، وبدأ برساي يتسلق التل على غير رغبة من صاحبه الذي تتبعه إلى أن وصلا إلى القمة .

منظر ساحر وقرار قاطع :
وعندها توقف وتطلع الفتى إلى ما تحته ، وإذا به يجد نفسه في مكان رائع وبقعة فريدة تطل على منظر ساحر لم ير في حياته ، أبهى منه وظل واقفًا لفترة طويلة يدور خلالها حول نفسه ، ينظر إلى بعيد ويمد بصره إلى الأفق ثم يرتد به على مهل حتى أسفل التل ، فعل ذلك عدة مرات ولم يشبع من التطلع هنا وهناك ، وكانت هذه أول مرة في حياته يرى فيها الأفق دائرة كاملة من حوله .

لم يغادر سيليو مكانه إلا بعد أن أتخذ قرارًا ، بأن يبنى لنفسه بيتًا في هذا المكان الذي يشرف على الدنيا من تحته ، وكان لديه من المال ما يكفيه لذلك وما إن نزل من فوق التل حتى راح يعمل على تحقيق هذه الفكرة الجميلة التي خطرت له .

بناء البيت الجديد :
وعندما انتهى سيليو من بناء بيته فوق قمة التل ، بدأ البعض يقلدونه ويزحفون إلى السفوح الأقل ارتفاعًا ، ليبنوا لأنفسهم بيوتًا مثل بيت سيليو ، الذي كان في واقع الأمر قصرًا صغيرًا وجميلًا من الداخل ، أما المناظر التي كان يطل عليها فهي غاية في البهاء والروعة .

المدينة الجديدة :
كثرت البيوت والدور من حول بيت سيليو ، خاصة أنهم كانوا يؤمنون بالمثل الشهير من جاور السعيد يسعد ، وهو يرون فيه شابًا سعيدًا بما حباه الله من ذهب وفضة ، ما من أحد يعرف مصدرهما ولم يمر وقت طويل حتى أصبح المكان مدينة ، وكان سيليو أهم سكانها فهو يعيش عند القمة ، وهو أول من فكر في استغلال التل واستثماره في البناء ، ثم إنه أيضًا أكثر أبناء المنطقة ثروة وغنى كما أنه طيب وكريم ويحسن معاملة الناس .

تل النمل :
وكانوا هم أيضًا يعملون بهمة وحماسة ، من أجل أن تكون مدينتهم وبلدهم شئ جميلًا ورائعًا ، وكان منظرهم وهم يقيمون بيوتهم أشبه بجيش من النمل ، وذات يوم صعدوا إليه ليسألوه أن يختار للمدينة اسمًا ، فما وجد أفضل من أن يطلق عليها سومادرا ، وهي تعنى في لغتهم تل النمل العظيم ، ولقد صارت سومادرا بلدًا غنيًا شهيرًا بفضل نشاط أبنائه .

Lars

منشور له صلة

نساء الأبراج الأكثر دلالاً

نساء الأبراج الأكثر دلالاً هذه هي أبراج النساء الأكثر دلعاً ودلالاً يتمتع بعض الأبراج بسمات…

29 دقيقة منذ

كيف يتفاءل كل برج

كيف يتفاءل كل برج ما الذي يجعل كل برج يشعر بالتفاؤل والأمل؟استكشاف الجوانب التي تحفّز…

37 دقيقة منذ

أكثر الأبراج عصبية هل برجك بينها

أكثر الأبراج عصبية هل برجك بينها ترتيب الابراج حسب عصبيتها تختلف الأبراج عن بعضها في…

48 دقيقة منذ

رقم حظك من تاريخ ميلادك

رقم حظك من تاريخ ميلادك يمكنك معرفة رقم الحظ الخاص بك بطرق مختلفة، تعتمد إحداها…

59 دقيقة منذ

حظك في الزواج حسب برجك

حظك في الزواج حسب برجك الزواج وأسراره يمثلان جانبًا مثيرًا للكثيرين، وتلعب الأبراج دورًا كبيرًا…

ساعة واحدة منذ

معرفة الحظ والنصيب من الاسم

معرفة الحظ والنصيب من الاسم يُعتقد في بعض الثقافات والمعتقدات أن الحظ والنصيب قد يُستدل…

ساعة واحدة منذ