أثناء انتظاري لصديقي الذي كان على وشك الوصول إلى مطار بورتلاند أوريغون ، كانت لدي واحدة من تلك التجارب التي غيرت نظرتي للحياة التي نتخيلها وما يحدث لنا مع الأشخاص الآخرين في الواقع ، فقد حدث لي موقف من النوع الذي يتسلل إليك ويغزو قلبك بشكل كبير وغير متوقع .

حدث هذا لي على بعد قدمين فقط بينما كنت أنتظر صديقي ، فحينما كنت أنظر حولي لكي أحدد موقع صديقي بين الركاب الذين ينزلون عبر ممرات قاعه الوصول ، لاحظت رجلاً قادمًا نحوي يحمل في يده حقيبتين خفيفتين ثم توقف إلى جواري ليحيي عائلته .

في البداية توجه إلى ابنه الأصغر الذي ربما يبلغ من العمر ستة أعوام ، ثم وضع حقائبه إلى جانبه وأعطوا بعضهم البعض عناقًا طويلًا ومحبة غامرة ، وعندما ترك الأب عناق ابنه أخذوا ينظروا بما يكفي إلى وجه بعضهم البعض .

كان المشهد مؤثرًا للقاء ابن وأبيه بعد فترة غياب فاسترعى انتباهي ، وسمعت الأب يقول : من الجيد أن أراك يا بني فقد اشتقت لك كثيرًا ، ابتسم الابن بشكل خجول وتجنب عينيه وأجاب بهدوء : أنا أيضًا يا أبي ، ثم وقف الرجل وحدق في عيون ابنه الأكبر الذي يبلغ ربما تسعة أو عشرة أعوام .

وبينما هو ينظر في وجه ابنه أمسك بيديه ثم قال له : أنت بالفعل شابًا رائعًا أنا أحبك كثيرًا يا زاك! ، لقد عانقوا بعضهم جدًا وكان الاحتضان بينهما أكثر حبًا ورقة ، وبينما كان هذا يحدث كانت هناك طفلة ربما عمرها عام أو عام ونصف تتأرجح بحماس في ذراعي أمها ، ولم تغمض عيناها أبدًا عن رؤية والدها العائد .

فقال لها الرجل : مرحبًا ، طفلتي ثم أخذها برفق من والدتها وقام بتقبيل وجهها في كل مكان ثم ضمها بالقرب من صدره وبدأ يهزها من جانب إلى آخر ، فاسترخت الفتاة الصغيرة على الفور ووضعت ببساطة رأسها على كتفه ، بلا حراك على ما يبدو أنها نامت بسلام وأمان .

وبعد عدة لحظات أعطي ابنته الصغيرة لابنه الأكبر ، وقال : دعوني احتضن أمكم وشرع في إعطاء زوجته أطول قبلة أتذكرها وأكثرها عاطفية ، ثم حدق في عينيها لعدة ثوانٍ ثم صمت وقال لها لقد أحببتك كثيرًا ، كانا يحدقان في عيون بعضهما بعضًا ، مبتهجين بابتسامات عريضة وهم ينظرون لبعضهم البعض .

وبينما كانا يمسكان بعضهما بكلتا يديهما ، تخيلتهما للحظة عروسين جدد لكنني عرفت من عمر أولادهم أنهم لا يمكن أن يكونوا كذلك ،  كنت في حيرة حول ذلك ثم للحظة أدركت كيف كنت منغمسًا معهم ، لقد كنت في عرضٍ رائعٍ من الحب غير المشروط ، كان بالقرب مني ولا يبعد عني سوي أكثر من طولٍ ذراعٍ .

وشعرت فجأة بشيء غريب كما لو كنت أغزو شيئًا مقدسًا ، لكني دهشت لسماعي صوتي وأنا أسألهم بعفوية : واو! منذ متى وأنتم متزوجان ؟ فأجاب الزوج  دون أن يكسر نظرته من على وجه زوجته الجميلة : نحن معًا منذ أربعة عشر عامًا ، تزوجنا اثنا عشر سنة منها .

فسألته متعجبًا : حسنًا منذ متى وأنت بعيد عنهم ؟ فتحول الرجل في نهاية المطاف ونظر إليّ وهو يبرز ابتسامته المبهجة : يومين كاملين !” فقلت له بتطفل واندهاش يومان ؟ لقد ذهلت من إجابته حتى أني ظننت أنني لم أسمع جيدًا ، فمن خلال شدة التحية التي حياها لأطفاله وزوجته افترضت أنه قد رحل لعدة أسابيع على الأقل إن لم يكن أشهر أو سنوات .

فاعتذرت له قائلًا : أعلم أن تعبيري خانني وقلت ذلك بشكل عفوي ، آمل أن أنتهي من خصلة التطفل التي لدي ثم قررت أن أعود للبحث عن صديقي القادم من السفر ، وأنا أقول : واو ، آمل أن يكون زواجي لا يزال متحمسًا وبتلك الرغبة والسعادة بعد اثنتي عشرة سنة .

فقاطعني صوت الرجل الذي توقف فجأة مبتسمًا لي وهو ينظر في عيني مباشرة ، ودبت القوة في روحي وهو يقول لي جملة جعلتني شخصًا مختلفًا ،  قال لي : “لا تأمل ، يجب عليك أن تقرر سعادتك! ، ثم أكمل ابتسامته الرائعة مرة أخرى وصافح يدي وهو يقول لي بارك الله فيك يا صديقي.

حينها فقط قررت أن أصنع سعادتي بيدي ولا أتوقف عند نقطة الأمل ، فكي يتحقق الأمل لابد من تقرير فعله حتى يتجسد على أرض الواقع وتصبح الحياة ليست مجرد أحلام إنما واقع جميل .

القصة مترجمة عن :
Don’t Hope, Decide

By Lars