الرفق بالحيوانات أمر مهم جدًا ، وهو جزء من القواعد والأسس ، التي أوصانا بها ديننا الحنيف ، ومن أبسط حقوق الحيوانات ، هو أن نحافظ على صحتها ، ونرعاها جيدًا وعلينا ألا نؤذيها ، فهي حيوانات خرساء لا حول ولا قوة لها ، وإذا ما أوذيت لا تستطيع الحديث أو الشكوى ، والتعبير عما ألم بها ، وكانت فلة كذلك .
فلة كلبه جميلة وهادئة ، تعشق أصحابها بشدة ، وكانت دائمًا ما تجلس برفقة الأسرة ، التي تعيش برفقتها ، وهم حبيبة وطارق وأبيهما وأمهما ، كانت فلة تحبهم جميعًا ، وهم أيضًا يحبونها بشدة ، فهي تلعب معهم ، وتستقبلهم عند عودتهم من خارج المنزل ، أما عن الأب فقد كانت فلة تجلس إلى جواره كثيرًا ، عندما يجلس لتناول قدح من الشاي ، وعندما يجلس ليقرأ الصحيفة .
وإذا ما ذهب للخلود إلى النوم تذهب لتنام برفقته ، وتستيقظ مع استيقاظ من بالمنزل ، وكانت الأم تضحك كثيرًا وتقول لزوجها ، أن فلة مثل ظله ، تلازمه أينما ذهب وحل ، وتتصرف مثله تمامًا وكان هو أيضًا ، يبادل فلة نفس الشعور ويتعلق بها جدًا .
ولكن في أحد الأيام ، بدأت فلة تتصرف بغرابة غير معتادة عليها ، فتغيرت من تلك لكلبه الوديعة ، إلى كائن يصرخ طول اليوم ، حيث كانت فلة تلقي بنفسها أرضًا ، وتظل تتمرغ يمينًا ويسارًا ، ولا تكف عن لصراخ وكأن شيئًا يؤلمها ، أو تريد أمرًا ما ، لا يستطيع أحدهم أن يلبيه لها ، كما كانت تدق رأسها يمينًا ويسارًا في الحائط بطريقة عنيفة ، جعلت كل من بالمنزل يقلقون عليها بشدة ، نظرًا لمهاجمتها للأب الذي تحبه بشدة ! كيف لها أن تهاجم من كانت تسير ظلاً له ، والآن تحول اللعب إلى هجوم شرس ، ممتلئ بالخدوش والعض بالأسنان الحادة .
صارت فلة حديث لمنزل بأكلمة والجيران أيضًا فهم الآن ، يسمعون صوت صراخها الشديد طول اليوم حتى أنهم بدؤوا يستاءون مما يحدث فقرر الأب والأم أن يذهبا بها إلى الطبيب البيطري من أجل فحصها ، ومعرفة ما ألم بها من تعب ، وبدل حالها بهذا الشكل الملحوظ .
ذهب الأبوان إلى المشفى البيطري ، وفلة تصرخ بغرفة الانتظار ، وفجأة لمحت أحد الزائرين ، كان يدخن سيجارًا فهاجمته ، واختطفت السيجارة من يده ، ثم بدأت تلتهمها في شراهة واضحة ، جعلت الجميع ينظرون لها بدهشة واستنكار بالغ ، أحدثت فلة خلالها هرجًا ومرجًا شديدًا .
هنا خرج الطبيب وسأل عن فلة ، فأجابه الأب فحملها الطبيب بين يديه ، وهي تأكل السيجارة ، وفحصها ثم سأل الأبوين ، من منكما يدخن السجائر ، فأجابه الأب لا أحد منا ، أنا كنت مدخنًا ثم أقلعت عنها منذ أسبوع مضى ، فقال له الطبيب للأسف فلة مدخنة سلبية ، أدمنت السجائر نتيجة أنك كنت تدخن إلى جوارها ، دون أن تدرك بأنك هكذا تؤذيها بشدة ، وتؤثر على صحتها ، ولذلك علينا أن نعالجها الآن مما هي فيه وأن تحيطونها برعايتكم جميعًا داخل المنزل .
هنا حزن الأب بشدة ، وأطرق برأسه حزنًا وقال لقد آذيت فلة دون أن أدري ، ويجب علينا جميعًا أن نساعدها الآن ، لتتجاوز تلك المحنة التي ألمت بها ، وتعود صحتها وسلوكياتها كما كانت من قبل .