لا تفكر في المفقود حتى لا تفقد الموجود حكمة دارجة قلما نلتزم بها ، فنحن نطمح دائمًا لما هو ليس لدينا ونطمع في اقتنائه ، وهذا قد يضيع علينا فرصة الاستمتاع بما هو موجود فعليًا فنشعر بالإحباط وسوء الحظ وننظر للحياة بنظرة معتمة كما حدث مع أحد الغربان .
كان هناك غابة جميلة تقع على ضفاف نهر الأمازون بالبرازيل ، كان يعيش بها الكثير من الطيور الجميلة ذات الألوان المبهجة ، وكان من بينهم غراب أسود يسمى كرو ، ذات يوم كان الغراب يتجول في أنحاء الغابة وهو سعيد ومسرور ، فرأى بجعة بيضاء اللون تبدو عليها الرشاقة والجمال فقال لنفسه : أوه كم هي جميله بلونها الأبيض أما أن فلوني أسود قبيح ، لابد أن هذه البجعة هي أسعد طائر في العالم .
وعلى الفور ذهب الغراب للبجعة التي كانت تدعي سوان وقال لها : لا بد أن تكوني أسعد طائر بالعالم فأنتي بيضاء جميلة تسري الناظرين ، أما أنا فأسود لا يحبني أحد ولا يرغب في النظر إليّ ، فقالت البجعة سوان : في الواقع كنت أشعر أنني أسعد طائر على وجه الأرض حتى رأيت ببغاء له لونين ، لذا أعتقد أن هذا الببغاء هو أسعد طائر بالعالم .
فطار الغراب كرو متجهًا إلى الببغاء الملون وقال له : لابد أنك أسعد طائر بالعالم فلديك لونين غاية في الجمال ؟ فقال له الببغاء : لقد عشت بسعادة معتقدًا ذلك حتى رأيت الطاووس ، فلدي لونان فقط ولكن الطاووس لديه ألوان متعددة تضفي عليه منظرًا رائعًا ، فسأل الغراب الببغاء عن مكان الطاووس فأخبره أن موجود بحديقة الحيوان .
فطار الغراب كرو على الفور إلى حديقة الحيوان ليرى منظر الطاووس ، وبالفعل عندما اقترب من مكان الطاووس رأى مئات الناس تتجمع لرؤية الطاووس الجميل ، وبعد أن غادر الجميع اقترب الغراب كرو من الطاووس وقال له : عزيزي الطاووس أنت جميل جدًا وكل يوم يأتي ألاف الناس لرؤيتك لأنهم يحبونك ، ولكن أنا عندما يراني أحدهم يحاول جعلي أحلق بعيدًا .
لهذا أعتقد أيها الطاووس أنك أسعد طائر بالعالم ، فأجاب الطاووس : كنت أعتقد أنى الطائر الأكثر جمالًا وسعادة بالعالم ، ولكن بسبب هذا الجمال تم احتجازي داخل هذا القفص ، وفي معظم الأحيان كنت أفكر لو أنى غراب أسود لكان بإمكاني الآن أن أتجول بحرية في كل الأماكن ، فأدرك الغراب حينها أنه في نعمة كبيرة وطار مبتعدًا .
القيمة الأخلاقية المستفادة من القصة :
تكمن مشكلة الإنسان في أنه يقوم بعمل مقارنة غير مفيدة مع الآخرين ويصبح بعدها في حالة حزن ، فغالبًا لا نقدر ما لدينا من نعم وكل هذا يؤدي إلى حلقة مفرغة من التعاسة ، فسر السعادة هو الرضا بما يمنحه لنا الله والشكر في كل حين .
القصة مترجمة عن :
Crow Question to Other Birds