في بلدة جميلة بولاية بيهار بالهند ، كان يعيش رجلٌ ثريٌ جدًا يدعى غالب ، كان يمتلك الكثير والكثير من الثروات الرائعة التي منحها الله له ، فكان يحيا في ترف وغنى لا مثيل له واعتاد غالب أن يتباهي دائمًا بثروته وما يمتلكه أمام أصدقائه وأقاربه .
وكثيرًا ما كان يتكلم بتعجرف وتكبر على الجميع ، وكان ابنه كومال يدرس آنذاك في مكان بعيد عن ولاية بيهار ، وفي أجازة عطلة منتصف العام عاد كومال إلى بيته لقضاء العطلة مع أسرته ، وأراد الأب الثري أن يعرف ابنه حجم ثرائه ، ويجعله يدرك أن حياتهم غاية في الترف والرفاهية على عكس الفقراء الذين يعانون دائمًا .
فخطط الأب للقيام بزيارة للبلدة برفقة ابنه ، وذلك لكي يظهر له مدى الفقر الذي يعيشون به بتلك البلدة وهذا بالطبع على عكس حياتهم المترفة ، فخرج الأب في الصباح الباكر من أحد الأيام ومعه ابنه في رحلة طويلة إلى البلدة دامت يومين .
وكان الأب سعيدًا جدًا طوال الرحلة لأن ابنه كان هادئًا جدًا وهو يرقب الفقراء الموجودين في المدينة ، ويشاهدهم وهم يعاملون الأثرياء باحترام وتقدير ، ورأى الإبن كيف يعيشون في فقر وفاقة على عكس الحياة المترفة التي يعيشها هو مع أبيه ، فقد أراد الأب بهذا أن يوضح لابنه مدى الثروة والنعم التي يوفرها له .
وبعد أن عاد الأب وابنه من الرحلة سأل الأب ابنه ، وقال : يا بني كيف كانت الرحلة ؟ هل استمتعت بها ؟ فرد الابن كومال : نعم يا أبي لقد كانت رحلتي رائعة بصحبتك ، فانفرجت أسارير الأب وقال له : أخبرني إذن ماذا تعلمت من الرحلة ؟
ظل الابن كومال صامتًا لبعض الوقت وهو يفكر ، فقطع الأب صمته وهو يقول : أخيرًا يا عزيزي كومال أدركت كيف يعاني الفقراء وكيف هي حياتهم ؟ وأدركت كم نعيش نحن في حياة مرفهة يجب علينا أن نحافظ عليها حتى تستمر .
فنظر الابن كومال إلى والده وهو يقول : ليس هذا ما تعلمته يا أبي ، ولكن ما تعلمته هو أن لدينا كلبين فقط ولدى هؤلاء الفقراء عشرة كلاب ، وأيضًا لدينا بركة مياه كبيرة في حديقتنا ، ولكن لديهم خليج ضخم لا نهاية له ، يا أبي إن لدينا أضواءً فاخرة ًومكلفة جدًا ومستوردة من مختلف بلدان العالم ، ولكن لديهم عدد لا يحصى من النجوم تضيء لياليهم الدافئة .
تعلمت يا أبى أن لدينا منزلاً في قطعة أرض واحدة ومحاط بأسوار عالية ، ولكن هم لديهم حقولٌ وفيرة تتجاوز الرؤية ، يا أبي نحن لدينا خدم لكنهم يخدمون أنفسهم ، لقد تعلمت يا أبي أن السور الذي يحيط بمنزلنا قويٌ وضخمٌ وهم بالطبع لا يمتلكون مثله ، ولكن علاقتهم مع بعض أقوى من الحديد وترابطهم أقوى من المال .
نحن يا أبي نشتري طعامنا منهم ومن غيرهم ، لذا هم الأغنياء وليس نحن لأنهم يأكلون ما تزرعه أيديهم ، تفاجأ الأب بعد سماع ردود ابنه تلك وظل صامتًا ومذهولاً أمام ما قاله من كلمات ، وأخيرًا أضاف الابن إلى حديثه قائلاً : أشكرك حقًا يا أبي على هذا الدرس الذي علمني من هو الفقير منا ومن هو الغني ؟
إن رؤيتك للغنى تختلف تمامًا عن رؤيتي ، فالمال يا أبي هو وسيلة وليس غاية ولا تقاس الثروة الحقيقية بالمال والممتلكات التي لدينا ، بل في الصداقة والرحمة والعلاقات الجيدة التي تشاركها مع الآخرين .
القصة مترجمة عن :
Sons heart touching reply to father