في أحد الأيام المشمسة ، انطلق الأولاد عقب انتهاء اليوم الدراسي ، وذهبوا إلى بستان العم رمضان ، هذا البستان الذاخر بالأشجار المثمرة ذات الفواكه الطيبة ، والتي تتدلى بكل حب عن الأغصان وبعدما بدأ الأولاد في محاولة جذب بعض الثمار ، إذا بعم رمضان ينادي لهم أن يجلسوا برفقته ، فذهبوا إليه جميعًا ، وألقوا عليه السلام ثم جلسوا معه ، فأخبرهم العم رمضان أنه قد رأى حلمًا غريبًا .
في البداية أخبرهم العم رمضان أنه يحب الزمن ، ويعطي لكل وقت حقه فلا يضيعه فيما لا يفيد ولا ينفع ، فهو يحب الفجر لأنه يبدأ يومه به ، ويحب الظهيرة حيث يكون في قمة نشاطه ، ويستمتع بالعصر ومشاهد غروب الشمس في الأفق ، بينما يظل المساء ، هو الجانب الأمثل للراحة والهدوء .
وروى لهم لعم رمضان أنه في الليلة الماضية بعد أن نام قليلاً ، رأى حلمًا وكأن كل الأزمنة قد اجتمعت سويًا في نفس الوقت ، الفجر والظهيرة والعصر والغروب والليل ، وكانت الأزمنة كلها تتشاجر سويًا ، بشأن الأفضل منهم ، فقال الفجر أن الأفضل بينكم ، ففي ركعتين خير من الدنيا وما فيها ، ويستيقظ المسبحون لله ويصحو العمل والفلاحين وكل من الكسب الحلال .
ليذهبوا إلى عملهم مبكرين ، كما أن من أراد الصيام صام بمجرد ظهوري ، وصديقي الديك يؤذن دائمًا عندما يراني كل يوم ، فغضب الضحى بشدة وقال للفجر ، لا تتباهى هكذا أيها الفجر ، فأنا أيضًا مثلك ، وبي ركعتين فيهما ثواب عظيم ، وأجر كبير كما يستيقظ الناس لأداء أعمالهم ، فأجابه الفجر ساخرًا إذا استيقظ الناس في الضحى ، كانوا هم الكسالى يا عزيزي .
وهنا قاطع العصر حديثهما وقال لهما لا تنسيا أنتما الاثنان ، أنني أفضل منكما ففي الصلاة الوسطى ولي سورة باسمي في كتاب الله الكريم فقال الضحى وما ذلك بجديد أيضًا ، فلي سورة باسمي أنا الآخر وكذلك الفجر هنا تحدث الغروب وخرج عن صمته ، وقال لهم استمعوا لي جميعًا ، فأنا يعشقني الناس ، ويستمتعون بالتطلع إلي ، وهم عائدون إلى منازلهم في المساء ، ولي صديق من الطيور مثل الفجر ، ولكنه ليس الديك وإنما الكروان .
فقال الليل هو الآخر أما أنا فأحضر عقب الغروب ولي سورة باسمي أيضًا في القرآن ، مثلكم جميعًا ، ولي فضل كبير ، حيث يأتي الناس إلي ، يرغبون في الراحة من الشقاء والتعب ، ويسكنون إلي ويتعبد القائمون والحامدون والمسبحون في كل ليلة وتوجد بي ليلة خير من ألف شهر ، وهي ليلة القدر .
هنا أطلق النهار ضحكة ساخرة عالية ، وقال لليل وفيك أيضًا ، يظهر المجرمون والسارقون ، ويدبرون مكائدهم للغير ، ولكنني عندما آتي أفضحهم جميعًا ، وأظهرهم بعد أن تسترت أنت عليهم ، مما تسبب في غضب الليل بشدة من كلمات النهار الجارحة.
كاد النزاع أن ينشب بين كل من الليل والنهار ، ولكن تدخل الفجر بينهما وقال لهما رويدكما يا إخواني ، دعونا نحتكم إلى الشمس الجميلة ، فهي أمنا جميعًا ، وتحدد لكل واحد منا وقته بظهورها ، أو غيابها فعندما تأتي يتضح النهار ، وعندما تغرب يأتي الليل ، فجاءت الشمس وابتسمت لهم جميعًا ، وأخبرتهم أن كلهم أبناءها وأنهم إخوة ، لا يجب عليهم النزاع فلكل منهم مهام محددة يجب عليه فعلها ، وقد خلقهم الله جميعًا ، وسخرهم من أجل تحديد الزمن ودورته .