وهبنا الله عزوجل بيئة نظيفة حتى نعيش في هوائها النقي ونستنشق عبير زهورها ونستمع إلى تغريد طيورها ، ولكن من أجل أن ننعم بها طيلة حياتنا ، لابد لنا من الحفاظ عليها من التلوث حتى لا تموت زهورها وتهاجر طيورها فلا نجد فيها ما يسعدنا .
في أحد الأيام وأثناء عودة الصديقين علاء ومازن من المدرسة ، تجمعت الغيوم والسحب السوداء وبدأت السماء في إرسال الأمطار مدرارًا حتى تسقي الأرض والنباتات ، هنا أسرع الصديقين في خطواتهما ، حتى يتمكنا من الاختباء أسفل إحدى الأشجار ، التي سقاها الله عزوجل بماء المطر ، وكانت تجاورهما أرضًا فضاء امتلأت بالقمامة .
نظر مازن إلى الأرض الخاوية إلا من القمامة ، وقال لصديقه هل تذكر يا علاء ، عندما كنا نأتِ إلى هنا في هذه الأرض الفضاء ، من أجل التجمع مع الرفاق واللعب بالكرة ، أجابه صديقه أن أتذكرها لقد كانت أرضًا نظيفة ، وليس بها أية قمامة أو فضلات وروائح سيئة مثل الآن فقال مازن نعم امتلأت الأرض الآن بالروائح الكريهة الناتجة عن إلقاء القمامة .
وقد تأذى منها سكان المنطقة كثيرًا ، فأنا أذكر جارنا الحاج حسني الذي صار يشكو ، من الذباب والبعوض الذين امتلأ بهم منزله ، بسبب مجاورته لتلك الأرض الملوثة ، والتي باتت تمثل مصدرًا للكثير ، من الحشرات والجراثيم وغيرها من الكائنات الدقيقة المؤذية ، سواء لسكان هذا الحي من الكبار أو أطفالهم ، أنهيا حديثهما مع توقف المطر ، وقبل رحيلهما انتبه علاء إلى برعم زهرة صغيرة ، تخرج من بين القمامة فحملها معه ليزرعها في منزله .
عقب أن وضع علاء الزهرة في إصيص بغرفته ، لاحت له فكرة جميلة للغاية ، وأصر على طرحها على صديقه مازن والبدء في تنفيذها فورًا ، وهاتف صديقه الذي تشجع وتحمس إلى الفكرة العبقرية ، وأخبر علاء أنه سوف يجمع أبناء الحي كلهم من أجل التعاون معهما .
بالفعل قام علاء ومازن بالاجتماع بأبناء الحي من الأصدقاء ، وشرح علاء فكرته قائلاً لم لا نهتم بتنظيف الحي ، الذي نعيش فيه ونخلصه من تلك الحشرات والجراثيم التي تنمو ، بسبب قلة الاهتمام والنظافة ، وأول شيء يجب أن نبدأ بالأرض الفضاء ، وننظفها ونزرع فيها الأشجار والزهور ، التي تفوح برائحتها الجميلة الطيبة ، تشجع أصدقائهما ورحبوا جميعًا بالفكرة ، وأكدوا أنها سوف تحميهم من التلوث وتنتج لهم الأكسجين النقي .
وكان أحد أصدقائهما يفضل أن يهذب للعب بالنادي ، بدلاً من المشاركة معهم ، وقد حاولوا إقناعه إلا أنه رفض ذلك ، وبالفعل انصرف صديقهم وذهب إلى النادي ، وعندما عاد إلى منزله روى لوالده ما حدث ، فأخبره والده بخطئه وقال له أنه لابد أن يشارك الجميع ، بكل ما هو خير وصالح لمجتمعهم ، فذهب صديقهم إليهم واعتذر عما بدر منه وأنه مستعد للمشاركة في هذا العمل العظيم ، ثم اقترح عليهم أن يزرع كل منهم أمام منزله وأيضًا زهور وشجرة مع طلاء الأسوار وتعليق بعض مصابيح الإنارة بالشوارع حتى تقيهم من التعثر ليلاً في الظلام .
وافق الجميع على هذا المقترح ، وتعاونوا جميعًا في التنفيذ وبعد فترة وجيزة ، كان الحي قد تحول إلى أجمل أحياء المدينة ، وعندما بلغ الأمر لمسئولي الحي توجه المسئول وأثنى على عمل الأصدقاء ، ومنحهم جائزة أفضل وأجمل الأحياء ، وفرح سكان الحي جميعًا وشكروهم ، وطلبوا منهم المزيد من العمل والتعاون سويًا والأفكار البناءة .