كان في قديم الزمان أميرة شريرة قبيحة المنظر خبيثة تكره الناس وتنهرهم وتسخر منهم وتحتقرهم فكرهها كل من عرفها وخافها خدمها بسبب سوء خلقها ، وكان لها أعوان وعيون يخالطون الناس متنكرين ، ثم يرجعون إليها بأخبارهم وأسرارهم وحينما تسمع ما يتناقلونه عنها يلتهب قلبها حقدًا ويتطاير غيظها شررًا فلا يجرؤ أحدُ على الاقتراب منها أو النظر إلى وجهها .
وفي إحدى الأمسيات كانت جالسة في شرفة قصرها ومرآتها في حجرها فنادت وصيفتها هرعن إليها مذعورات ووقفن بين يديها ينتظرن عقاب أو توبيخ ، شعرت الأميرة المغرورة تنظر إليهن بازدراء ، ثم شمخت بأنفها وقالت أصحيح ما يقوله عني الناس ، فقال الخدم وماذا يقولون ، يقولون أنف الأميرة كبير لكثيرة ما تشمخ به ، فقالوا الأنف الكبير لا يعيب صاحبه ، فغضبت الأميرة ورفعت صوتها تلوح به مهددة ، وتقول أتوافقن الناس على ما يقولون .
رمقت الوصيفات الصوت وقالوا في نفوسهم حسني أخلاقك وليكن شكلك ما يكون ، فقالت الأميرة ما لكن ساكتات فقالوا أنفك صغيرُ يا سيدتي ، فقالت لا تكذبن فقالوا اسألي المرآة هي لا تكذب تناولت الأميرة المرآة وشرعت تحلق إلى أنفها فقالت لها المرآة أنفك كبير لكثرة ما تشمخين به ، اغتاظت الأميرة وأظلم وجهها وقلبت المرآة وصمتت ، ثم رفعت رأسها وقالت ويزعم الناس أن لساني سليط وطويل كالصوت إنهم يكذبون ، فقالت وكيف لي أن أعرف الحقيقة فقالوا اسألي المرآة لتعرفين الحقيقة ، رفعت الأميرة مرآتها وقربتها من وجها ثم بلعت لسانها وجعلت تنظر إليه قالت لها المرآة لسانك صغير وطويل كالصوت .
أرجعت الأميرة لسانها وقالت وهي تتميز غيظًا ويزعم الناس أني شبت وكبرت ، فقال الخدم مازالتِ صغيرة يا سيدتي ، فقالت قلن الحقيقة ولا تخفن فقالوا المرآة تقول لك الحقيقة ، رفعت الأميرة المرآة وصارت تتأمل وجها وشعرها ، ولم تخف المرآة منها وقالت وجهك أعجز وشعرك أشيب ، فغضبت الأميرة على المرآة وضربت بها الأرض فتكسرت وتبعثرت ، وقامت الأميرة مسرعة ودخلت قصرها وهي تصرخ المرآة كاذبة ، انحت إحدى الوصيفات وأخذت تجمع أشلاء المرآة وحينما فرغت من جمعها نظرت إليها محزونة وقالت نعم لقد ماتت المرآة ..