يقول المثل العربي الشهير أن الطمع يقل ما جمع ، وقد حذرنا الله سبحانه وتعالى من تلك الصفة الذميمة ، أمرًا إيانا أن نحب لأخينا ما نحب لأنفسنا ، لأن في الطمع شراهة للنفوس وضغينة للقلب ، تجعل الفرد أنانيًا لا يفكر سوى في نفسه .
كان هناك ثلاث أصدقاء يعيشون في قرية فقيرة ، لم يتمكنوا فيها من كسب المال الوفير ، وذات يوم قرر الثلاثة أن يذهبوا إلى المدينة معًا لكسب المال ، حيث يتوفر هناك الكثير من العمل وتتعدد أبواب الرزق .
وفي صباح يوم مشمس جميل خرج الثلاثة للسفر إلى المدينة مشيًا على الأقدام عبر الغابة القريبة ، وبعد المشي لمدة يومين متتاليين وبينما هم في طريقهم إلى المدينة ، عثروا علي حقيبة كاملة من العملات الذهبية ملقاة تحت شجرة كبيرة .
فأصبحوا في غاية السعادة والسرور ، وتراجعوا عن فكرة السفر للمدينة واتفقوا فيما بينهم على تقسيم العملات الذهبية بعد العودة إلى قريتهم ، ولكنهم كانوا في حالة من التعب والإعياء الشديد لسيرهم فترة طويلة ، فقرروا تناول الطعام أولًا ثم السير باتجاه القرية .
ولكن لحظهم العاثر لم يتبقي لديهم طعام ولا شراب ، فتطوع أحدهم بالذهاب إلى أقرب قرية لشراء الطعام ، وظل الاثنان الآخران مع الحقيبة ، وبينما هو سائر في طريقة لشراء الطعام ، راودته فكرة أن يقتل أصدقائه الاثنين ليحصل على الحقيبة كلها لنفسه .
وبالفعل اشترى بعض السم ووضعه في الطعام الذي اشتراه ، وعلي الجانب الأخر قرر الصديقان الآخران أن يقتلوا صديقهم ، بمجرد وصوله من شراء الطعام ويقسموا الأموال فيما بينهم هم ، وظلوا متربصين له حتى عاد بالطعام ، فأمسك به أحدهم وطعنه الأخر فقتله ومات علي الفور .
ثم رموه بعدها في الغابة وهم سعداء لأن الحقيبة ستقسم عليهم هم الاثنين فقط ، وجلسا سويًا لتناول الطعام الذي أحضره صديقهم الذي قتلوه ، وبعد أن فرغا من تناول الطعام بدأ كل منهما يتألم بشدة بسبب السم الموجود في الطعام .
ولما أشرفوا على الموت علموا أن صديقهم هو من فعل ذلك ، وقالوا لبعضهما لقد قتلنا ونحن قتلناه بجشعنا ، وهكذا مات الأصدقاء الثلاثة بسبب جشعهم وتركوا حقيبة النقود الذهبية في الغابة خلفهم .
فماذا لو ربح الإنسان العالم كله وخسر نفسه ، ماذا لو فضل كل منهم الأخر على نفسه أو حتى تقاسم معهم الخير الذي وجدوه ، أما كانوا أحياءً منعمين الآن ، لهذا علينا أن نتحلى جميعًا بمكارم الأخلاق والصفات الحميدة ، حتى لا نخسر أنفسنا فالطمع هو أقبح صفة قد يتصف بها المرء .