اعتادت نورا الجلوس في حضن جدتها الحبيبة ، لتحكي لها قصة ، سمر والقمر ، في نهاية كل أسبوع ، كل مرة كانت تبدأ جدتها الحكاية ، كانت تضمها على صدرها ، وتقول في حنان : كان هناك بنت جميلة ، كان اسمها سمر ، وكانت سمر تتأمل السماء ، وتراقب النجوم كل ليلة ، وتحلم بالوصول إلى القمر ، وكانت الجدة تنظر إلى السماء من خلال النافذة ، وتلحقها نورا بعينيها ، علها ترى شيئًا في السماء .
حكاية الجدة وأحلام نورا :
تستمر الجدة بسرد الحكاية ، وتقول : تدور حول بعض الكواكب عدة أقمار ، أما كوكب الأرض فيدور حوله قمر واحد ، وذلك نسميه نحن القمر ، وكانت الحكاية تدهش نورا كثيرًا ، كل مرة من جديد ، وتروح في أحلامها التي تدور حول النجوم اللامعة في السماء المعتمة ، والتي ينعكس نورها بشكل ساحر على وجه مياه البحر القريب من بيتها .
من يسكن القمر :
عندما عادت نورا إلى البيت ، كانت تتأمل السماء من نافذة غرفتها ، وترى النجوم والقمر الجميل البرتقالي ، وسط العتمة وتتساءل : ترى هل يوجد أحد هناك ؟ ترى كيف يكون سطح القمر ؟ ، وتحاول تحليل الأشكال التي تظهر على وجهه من بعيد ، وتقول لنفسها : كما يبدو يوجد جبال هناك ؟ أن أنها بحيرة كبيرة ؟ أم تلك بيوت مخلوقات فضائية تعيش هناك ؟! هل توجد أشجار وأزهار ؟! من يسكن القمر؟
نورا وسطح القمر :
وإذا ما رأت نورا أي حركة ، أو ظنت أنها رأت حركة بين الأشكال المتنوعة ، التي تراها من بعيد على سطح القمر ، تأتي بحكاية وتحدث الجميع عن ذلك في اليوم التالي ، حول سكان القمر ، وماذا يفعلون ، وكيف كانوا يلعبون أو يسبحون في البحيرة الكبيرة هناك ، فيضحك الجميع لخيالها الواسع ، يقولون لها برقة وبحنان : في المرة القادمة ، احضري لنا هدية من القمر عندما تذهبين إلى هناك ..
هل القمر يراني :
كانت نورا تتساءل دائمًا حول كيفية الوصول إلى القمر ، وكانت تحلق في خيالها ، وترى النجوم اللامعة في السماء المعتمة تتدلى كحبل طويل يمتد إليها لترتفع بها إلى الأعلى تأخذها إلى القمر ! وكانت تتساءل أن كان سيعرفها القمر ؟ أو ان كان يراها من بعيد ، عندما تنظر إليه ؟ لذلك قررت نورا أن تقوم برحلة إلى القمر وفكرت بطريقه للوصول إليه ..
نورا وأبيها وشاطئ البحر:
كيف ستصل نورا إلي القمر ؟ ، نزلت نورا في المساء مع والدها ، إلى القارب الصغير ، قرب بوابة البيت الجاثم على شاطئ البحر ، إذ طلبت مرافقته إلى عمله ، في الجهة المقابلة ، وبدأ والدها بالتجديف متجها نحو حدود الأفق البعيد ، حيث ترى القمر كل مساء ، حين يخرج من هناك ويرتفع في السماء إلى الأعلى رويدًا رويدًا .
الوصول إلى الأفق :
لكن كلما ابتعد القارب عن الشاطئ ، ليقترب من خط النهاية في الأفق ، ابتعد ذلك الخط أكثر! وفهمت أن الوصول لذلك الأفق غير ممكن .. كيف ستصل نورا إلى القمر ؟ ، ذهبت إلى السلاسل الكهربائية ، المعلقة بالأسلاك الحديدية ، الغليظة تنقل الناس من الشاطئ لتصل بهم حتى قمة الجبل ، فهناك ترى القمر أيضًا ، يتدلى قرب القمة ، لكن حين وصلت القمة كانت السماء مازالت بعيدة ، والقمر يطل من أعلى ، وترتسم على شفتيه ابتسامة عريضة ، ففهمت أنه أبعد من قمة هذا الجبل .
أجنحة نورا :
قررت نورا أن تصنع أجنحة لتطير بها كالعصفور لتصل إلى القمر المعلق في السماء ، فأحضرت العيدان الصغيرة ، والورق وصنعت جناحين صغيرين وثبتتهما بالصمغ ، وزينتهما بالألوان ، ثم ربطتهما على كتفيها الصغيرين ، بخيوط من الصوف الذي أخذته من عند جدتها .
تجربة الطيران الأولى :
وقفت نورا على الكرسي ، وفردت جناحيها ، وقفزت إلى أعلى ، إلا أن جناحيها الورقيان تمزقا وتكسرت العيدان الخشبية ، وهوت نورا على الأرض .
الدراسة والبحث عن القمر:
ظلت نورا تحلم بالوصول إلى القمر ، وبدأت بالبحث والقراءة ، لتعرف عن القمر أكثر ، وعن تربته وموقعه في السماء ، وبعده عن الأرض ، وفهمت أن نوره انعكاس لنور الشمس ، وهو دائم الوجود في السماء ، لكننا نراه في الليل بشكل أوضح مما نراه عليه في النهار ، أما الوصول إليه فهو أمر ممكن فقط بواسطة المركبات الفضائية .
قررت نورا زيادة المرصد القريب لتتمتع في مراقبة النجوم والكواكب ، ورأت من خلال المراقب ، التليسكوب ، النجم القطبي والدب الأكبر والدب الأصغر وحزام الجبار ، وبعض الكواكب من المجموعة الشمسية ، ودرب التبانة وكان فرحها غامرًا .
حكاية القمر والنجوم وحلم يكبر :
وزاد تصميمها أكثر ، بأنها في أحد الأيام ، سوف تحط هناك في مركبتها الفضائية ، لتكون الأولى التي تطأ قدمها سطح القمر من أهل البلد ، ثم عادت نورا إلى جدتها ، لتخبرها عن المرصد وتحكي لها حكاية النجوم ، التي رأتها في المقراب ، وعن كل المعلومات التي جمعتها عن الكواكب وعن القمر الذي يدور حول كوكب الأرض .