يُحكى أن الحكيم سوفارناسدي جلس مع تلميذه تشاكرادارا ، وأخذ يقص عليه قصصه المعهودة ، وكان موضوع قصة اليوم عن تقبل النصيحة وإتيان الفعل وقت الغضب ، فحكى له قصة الطائر ذو الرأسين قائلًا :
كان هناك طائر كبير يدعى بهاروندا عاش على ضفاف البحيرة ، وكان له رأسان وجسد واحد ، وذات مرة حينما كان الطائر يتجول على ضفاف تلك البحيرة ، وجد بعض الفاكهة اللذيذة فأدار أحد رؤوسه ، وقال : أوه كم أنا محظوظ لا بد أن هذه هدية السماوات لي .
سمع الرأس الأخر كلماته وقال له : دعني أكل من تلك الفاكهة أنا أيضًا ، فضحك الرأس الأول قائلًا : كل واحد منا لديه نفس المعدة ، فلا فرق إذن بين ما أكله أنا أو تأكله أنت ، سأكل منها وأعطي بعضها لزوجتنا لا بد أنها ستفرح بها كثيرًا ، فشعر الرأس الثاني بخيبة الأمل من موقف الرأس الأول معه .
وأراد أن يرد له ما فعل ، فانتهز الفرصة في مرة من المرات ، حينما وجد بعض الفاكهة السامة ، وقال للرأس الأول سوف أكل من تلك الفاكهة السامة وانتقم من اهانتك السابقة لي ، وعدم احترامي .
فقال الرأس الأول ، إذا أكلت من تلك الفاكهة فسوف تنتقم من نفسك أيضًا لأن كلانا سوف يموت وذلك لأننا نمتلك نفس الجسم ، ولكن مع ثورة الغضب تجاهل الرأس الثاني تحذير الرأس الأول ، وتناول الفاكهة السامة فتوفي كلاهما .
وبعد الاستماع إلى القصة ، قال تشاكرادارا كلامك صحيح أيها الحكيم ، فالمشورة والأخذ بالنصيحة ينجي المرء دائمًا كما حدث مع أحد البراهمة القدامى ، حينما استجاب لنصيحة والدته .
فقال الحكيم سوفارناسدي الذي كان لا يفوت فرصة للتعلم والمعرفة ، كيف كان هذا يا تشاكرادارا ؟ أخبرني بقصته فقال تشاكرادارا : كان براهماتا صبي صغير من البراهمة يعيش في مدينة بالهند مع والدته العجوز ، وذات يوم كان براهماتا يخطط للسفر إلى قرية أخرى .
فنصحته والدته باتخاذ شخص معه وعدم السفر وحده ، ولكن طمأنها الصبي أن الطريق إلى القرية أمن وطلب منها ألا تخاف ، وعزم الصبي بالفعل على الذهاب منفردًا ، ولكن الأم تحركت على الفور ناحية البئر الموجود في الفناء الخلفي .
وأخرجت منه سرطان البحر وطلبت من ابنها أن يصطحب معه السرطان خلال سفره ، ويحافظ عليه ، فانصاع الصبي لرغبة والدته ووضع السلطعون بصندوق صغير حمله معه في رحلته .
كان الجو حار جدًا فتوقف براهماتا واستظل بعض الوقت بشجرة كبيرة كانت على الطريق ، وبينما هو مستلقي تحته خرج ثعبان من جوف الشجرة وأخذ يحوم حول براهماتا وصندوقه الصغير ، ولما اقترب الثعبان من السلطعون هاجمه وقطع رأسه .
فاستيقظ الصبي ووجد الثعبان الميت بجواره ، والسلطعون خارج الصندوق على قيد الحياة ، أدرك ما حدث وتذكر نصيحة أمه له وفرح كثيرًا لأنه استمع إلى نصيحتها التي أنقذت حياته ، وهنا أنهى تشاكرادارا قصته وهو يقول أن النصيحة أثمن من الذهب .