قبل عدة قرون كانت هناك غابة كبيرة جدًا كثيفٌة ومظلمٌة ، وصلت إليها مجموعة من القرود في فصل الشتاء ، وكان الجو حينها عاصفٌ ملبٌد بالغيوم ، لذا كان من الصعب على القرود البقاء على قيد الحياة في ليالي البرد القارصة بتلك الغابة الكثيفة .
فأخذت القرود تبحث عن النار للتدفئة ولكنها لم تستطيع الوصول ، وفى إحدى الليالي الباردة رأت القرود بعض الضفادع فظنوا أنها النار ، وعلى الفور صاحت مجموعة منهم قائلة : النار النار نعم لقد حصلنا عليها !
فحاول زوجين من القرود القبض على الضفادع للحصول على النار ، ولكن تمكنت الضفادع من الهرب فأصبحت القرود في غاية الحزن ؛ لأنهم لم يتمكنوا من القبض على النار ، وسيعيشون في هذا البرد القارص من غير نار تدفئهم وتحافظ على حياتهم .
وبعد محاولات كثيرة قبضوا على عدد من الضفادع ، ووضعوها في حفرة وتخيلوا أنهم سيحصلون على النار ولكن هذا لم يحدث ، وبعد فترة رأت مجموعة من القرود ذباب ملون ، فتخيلوا أنه بإضاءته المنبعثة هو النار بعينها .
وبالفعل حاولوا القبض على الذباب ، وكانت البومة في تلك الأثناء تراقب القرود وما تفعله ، فقالت لهم : أيها القرود لا توجد نار في ذلك الذباب ، ومهما حاولتم لن تستطيعوا الحصول على النار من خلاله لأنه مجرد حشرة ملونة .
فضحكت القرود على البومة وسخرت من كلامها : وقالوا لها: أيتها البومة العجوز لا تزعجينا بكلامك ، فسنحصل على النار من الذباب ، حذرتهم البومة مرارًا وتكرارًا ولكنهم لم يستمعوا إليها .
ورغم ذلك نصحتهم البومة أن يتخذوا من الكهوف مأوىً لهم ؛ ليحتموا بها من شدة البرد وبالتالي يستطيعوا النجاة ، لكن القرود لم تستمع لنصائح البومة العجوز ، وصرخ بها أحد القرود حتى تبتعد عنهم فغادرت المكان .
ودون جدوى ظلت القرود تحاول عبثًا الحصول على النار من الضفادع أو الذباب ولكنهم لم يحصلوا على شيء ، حتى انتصف الليل واشتد البرد فشعرت القرود بالتعب وبدأت أطرافها في التجمد .
فأدركوا مؤخرًا أن كلام البومة كان صحيح ، وبالفعل حاولوا بصعوبة الذهاب إلى الكهف ليحتموا به من البرد وينجوا بحياتهم ، وهكذا أدركت القرود أن الجميع قد يخطئ أحيانًا ، ولكن يجب عليهم ألا يتمسكوا بالخطأ ويستمعوا لنصائح الغير التي تقدم إليهم .