يُحكى أنه في مملكة بعيدة ، ومنذ فترة طويلة عاشت الناس بسعادة تحت حكم ملك طيب ، كانت المملكة فيه مزدهرة والشعب يشعر بالراحة والرضا ، فلم يكن في عهده جائع ولا محتاج ، لأن الملك دائمًا كان يفكر في شعبه ويحاول إرضاءه .

وفي مرة من المرات قرر الملك أن يأخذ جولة في مملكته ويزور الأماكن التاريخية ودور العبادة البعيدة ، ولأنه كان حاكم عادل يشعر بالناس قرر السفر سيرًا على الأقدام حتى يتفاعل مع الناس ويراهم ويرونه عن قرب .

حينما وصل الملك للأماكن النائية في مملكته وتحدث مع سكانها كانوا سعداء جدًا بلقائه ، وأكثر ما كان يفرحهم أن ملكهم رجلٌ يمتلك قلبًا من ذهب ، وظل الملك طوال جولته يسأل عن أحوال الرعية وما ينقصها .

حتى انقضت عدة أسابيع عاد بعدهم الملك إلى قصره ، وكان سعيدًا جدًا لأنه زار العديد من مراكز الحج ورأى شعبه يعيش عيشة مزدهرة ويفخر به ، ولكن مع كل تلك السعادة كان هناك شيء واحد يؤلم الملك في رحلته تلك .

فقد كان لديه ألم لا يطاق في قدميه ، لأن هذه الرحلة كانت أول رحلة له سيرًا على الأقدام لمسافة طويلة ، فشكا الملك لوزرائه أن الطرق لم تكن مريحة في السفر ، وكانت تكثر بها الحجارة الأمر الذي جعل قدمه تتأذى ويشعر بالألم .

وكان الملك يشفق على شعبه من وعورة الطريق ، فطلب من بعض خدمه تغطية الطرق في البلاد كلها بالجلود ، حتى يتمكن شعبه من السير بشكل مريح ، فتفاجئ بهذا وزراء الملك لأن معنى ذلك أنه سيتم ذبح الكثير من الأبقار للحصول على كمية كبيرة من الجلد ، وهذا سيكلف المملكة مبلغًا كبيرًا من المال .

فاقترح أحد الوزراء الحكماء على الملك فكرة أخرى ، يمكن أن تكون بديلًا عن فكرة تغطية الطريق بالجلود ، وهي أن يرتدي الملك في قدميه قطعة من الجلد ، تغطيها وتحفظها من وعورة الطريق .

فوجئ الملك كثيرًا باقتراح الوزير الحكيم ، وأشاد بحكمته وأمر بصناعة زوج من الأحذية الجلدية لنفسه ، وعمم الأمر حتى شمل جميع مواطنيه وجعلهم يرتدون تلك الأحذية الجلدية ، والعبرة من تلك القصة هي بدلًا من محاولة تغيير العالم ، فلنحاول أولًا أن نغير أنفسنا ، لأن هذا أسهل بكثير وسيقودنا في النهاية لتغيير العالم ككل .

By Lars