الأساطير وقصصها المختلفة ، تتباين من بلد إلى آخر ومن ثقافة لأخرى ، ولكنها تحميل في طياتها روح المكان الذي أتت منه ، ولعل قصة يوكي أونا تحمل في طياتها ، البرودة والصقيع اللذان قد تشعر بهما ، فور قراءتك لقصتها المشوقة .
تخيل أنك تجلس وسط جبال بيضاء ، الثلوج تحيط بك من كل مكان ، وتجلس داخل كوخ خشبي تحتسي بعض المشروبات الدافئة وتتأمل ، في تلك اللوحة البيضاء من الجبال الثلجية أمامك ، من نافذة الكوخ .
وفجأة أثناء مشاهدتك لجمال الطبيعة ، ترى سيدة تسير فوق الثلوج ، وكأنها تطير دون أن تترك أثرًا ، ولها جمال فاتن ولكن به شيء غامض ، فهي شفافة تكاد ترى ما يقف خلفها بوضوح ، ولها شفتان زرقاوان كالموتى ، وبشرة شاحبة للغاية تميز وجهها .
أنت الآن تقف أمام يوكي أونّا ، تلك المرأة التي قيل عنها أنها قد سارت بين الجبال ، حتى أهلكتها العواصف الثلجية ، ومنذ هذا اليوم وهي تظهر للمسافرين الذين قد تاهوا وسط الثلوج ، أو هي من تتعمد أن تقود الزائرين إلى حتفهم ، حيث يهلكوا كما هلكت هي من قبل ، وذلك بعد أن تحتضنهم بقوة ليتحولوا إلى كتل ثلجية .
وتقول بعض الروايات بشأنها ، بأنها قد ظهرت لبعض المسافرين كامرأة تحمل رضيعًا فيرق لها قلب الشخص ، ومجرد أن يحمل عنها طفلها حتى يتحول إلى كتلة ثلجية ، ومنها إلى جثة هامدة لا حراك فيها ، بينما أفاد البعض بأنها أكثر شراسة من ذلك ، فهي روح شريرة تأتي على رياح ثلجية عاتية ، تقتلع الأبواب وتدخل إلى البيوت ليتجمد كل من فيها ، ويصبحون جثثًا هامدة دون سابق إنذار .
وكما يتقلب الطقس ويتبدل حال الصقيع ، يتبدل حال يوكي أيضًا ، فهي لا تقتل ضحاياها في جميع الأحوال ، حيث شهد البعض ممن قابلوها أنها قد تترك الفتى لجماله أو لفتوته ، ثم تخبره قبل أن تبتعد عنه بألا يتحدث بشأنها لأي شخص ، حتى لا تعود إليه وتنتقم منه ، وما أن يتحدث الفتى إلى زوجته ، حتى تفاجئه بأنها أونا نفسها ، وقد أتت إليه للانتقام ، ولكنها تسامحه مرة أخرى ، في مقابل ألا يتعامل بسوء مع أطفالها ، فإذا كان الشخص محبًا لأطفاله من الأساس فإنه ينج منها ، وإن كان غير ذلك تقتله بعد ذلك بلا رحمة .
هذا العنف من جانب يوكي أونا ، يختلف من شخص لأخر فتارة تجدها تجمّد ضحيتها ، حتى الموت بمجرد أن تقع عينيها عليه ، وتارة أخرى قد تقف لتمتص روح الشخص أو الضحية تمامًا ، وتستنزفه بوحشية حيث تمثل روحه قوة الحياة لها ، وقد تأخذ طابع الجن العاشق ، فتتصيد الرجال ضعيفي الإرادة وتهلكهم بقبلة ، أو علاقة حميمية في أي وقت يقعون بين يديها .
إذا كنت تود زيارة اليابان ، يجب عليك أن تعلم قصة يوكي أونا ، وألا تستسلم للطقس الهادئ خارج منزلك ، فإذا أرهفت سمعك قليلاً فسوف تسمع صوت خطواتها يقترب منك ، فلا ترحب بها أبدًا .