لم يكن الحال جيدًا في مومباي بعد وفاة نادانا شارما والد جافير ، الشاب الذي كسدت تجارة والده ، وصادفه سوء الحظ والتوفيق ، لذا قرر أن يجوب البلاد لعله يجد في السفر منفعة وعوضًا عما حدث لتجارته التي ورثها عن والده ، لم يكن لدى جافير أي شيء في البلدة التي يقطنها بمومباي سوى بعض القطع الحديدية ، فقرر تركه عند تاجر أخر كان صديق لوالده على سبيل الأمانة .

وبعد سنوات من العمل الناجح والسفر المفيد عاد جافير إلى مسقط رأسه ، وبعد أن ارتاح من عناء السفر ، قرر أن يذهب إلى التاجر ليسترد أمانته ، فلما ذهب إليه وطرق بابه تظاهر التاجر بعد معرفته ونسيانه .

فذكره جافير بنفسه وبالأمانة التي أودعه عنده منذ سنوات ، فقال له التاجر : لقد انتظرتك سنوات طوال لأرد لك أمانتك ولكن من فترة قصيرة هاجمت الفئران البلدة ، وأكلت من ضمن ما أكلت قطع الحديد خاصتك .

يا ليتك أبكرت في القدوم ، كنت وجدت أمانتك ، ففطن جافير لحيلة التاجر وكذبه لأن الفئران لا تستطيع قرض الحديد ، فأومأ برأسه وتظاهر بأنه قد تفهم الموقف ، ولم يعد لديه شيئًا ليفعله مع ذلك التاجر ، وقال : يا عماه لقد جئت للتو من سفر طويل وأريد منك أن تبعث معي بصبي يحمل أمتعتي ويراقبها حتى أنزل إلى النهر واستحم ، وسأعطيه أجرة على ذلك .

فطمع التاجر وقال له : لا بأس يا جافير سيذهب معك ابني ليساعدك ويدير باله على أمتعتك ، فلما وصل جافير إلى النهر ترك الفتي ينتظر على الحافة ونزل ليأخذ حمامه ، وما إن فرغ حتى اصطحب الصبي إلى كهف قريب ، وتركه هناك ثم عاد إلى البلد ومر من أمام التاجر .

فلما رآه عائدًا وحده ، انتابه القلق وسأله عن ابنه ولما لم يعد معه ، فتظاهر جافير بالأسف ، وقال له : حقًا يا عمي لا أعرف ماذا أقول ، لقد تركته بجوار الأمتعة ونزلت إلى النهر ، ولكن بينما أن أسبح هبط طائر النحام (الفلامينغو) وحمله بمخالبه وطار بعيدًا ، وللأسف لم استطاع إنقاذه .

جن جنون التاجر وأخذ يصرخ في وجه جافير قائلًا : إنك كاذب كيف يحمل النحام صغير الحجم صبيًا كابني ويطير به بعيدًا ، سأشكوك لشيوخ القرية حتى ترد إلي ابني ، وبالفعل سحب التاجر جافير من ملابسه وسار به إلى شيخ القرية ، ولما وصل هناك قال له : انجدني أيها الشيخ لقد اختطف هذا النذل ابني ، ويقول أن الطير هو من اختطفه ! فكيف يمكن أن يحمل النحام طفلًا كبيرًا كولدي؟

تعجب الشيخ القرية من إدعاء جافير ، واتهمه بالكذب وطلب منه تفسير ما حدث للصبي ، فقال جافير : يا سيدي في المدينة التي تتناول فيها الفئران الحديد ، لماذا لا يحمل النحام طفلًا ؟ فاندهش شيخ القرية من سماع ذلك ، وقال له : ماذا تقول ؟ أي فئران وأي حديد ، وفي أي مكان توجد مثل تلك الفئران ، أنا لا أفهم شيئًا !

فروي جافي ركل ما حدث معه منذ وفاة والده حتى عودته إلى التاجر ، ورفضه أن يعطيه الحديد خاصته مدعيًا أن الفئران أكلته ، وقيامه بعد ذلك باصطحاب ابن التاجر للكهف بجوار النهر وتركه هناك حتى يجبر التاجر على رد الأمانة ، فلما سمع شيخ القرية وكل من كان معه بأمر إدعاء التاجر على الفئران بأنها هي من أكلت الحديد أخذوا يضحكون عليه .

فشعر التاجر بالحرج لانكشاف أمره وكذبه بين الناس ، وحكم شيخ القرية بقيام التاجر بإعادة الحديد إلى جافير وقيام جافير بإعادة الصبي إلى أبيه ، فالحكمة الإنجليزية تقول : الأمانة هي أفضل طريق  Honesty is the best polic .

By Lars