ذات مرة وقع زلزال عنيف في إحدى القرى الصغيرة المجاورة للبحر فتهدمت المنازل وغرقت البيوت وأغلقت الحوانيت ، ولم يجد أهل القرية بد من تركها ، لكثرة الزلازل التي تضربها فيدمر المحصول وتكسد التجارة ويموت الناس .

ولما هاجر الناس تاركين بيوتهم وأعمالهم ظلت القرية خاوية حتى وجد الفئران لنفسهم فيها مرتعًا ومستقرًا ، فسكنوا في أنقاض البيوت الخاوية ، وشربوا من أنهار المياه الجارية ، وبعض النباتات التي أنبتها المطر .

ظل الفئران يحيون في سعادة وحدهم في تلك القرية فلا مالك لبيت يطاردهم ولا قطط أليفة تأكلهم ، كانت الحياة بالنسبة لهم كأنها النعيم يمرحون ويلعبون ويأكلون دون أن يشعروا بأي خطر .

حتى قدمت الأفيال في أحد الأعوام ومرت في طريقها بتلك القرية الخاوية ، ولضخامة الأفيال لم ترى أنها قد داست العديد من الفئران تحت أقدامها ، الأمر الذي أقلق ملك الفئران وجعله يخشى على حياة شعبه .

وتكررت القصة ثانية في العام التالي مرت الأفيال بالقرية لتشرب من النهر ، وبينما هي سائرة قتلت الكثير من الفئران دهسًا بأقدامها ، فلم يجد ملك الفئران بد من التفاوض مع ملك الأفيال .

فذهب إليه وطلب مقابلته ، فلبى ملك الأفيال طلب ملك الفئران ومد له خرطومه الرمادي ورفعه عليه ليستطيع محادثته ، ولما صعد ملك الفئران وأصبح في مواجهة ملك الأفيال ، أعرب عن حزنه لفقد العديد من الفئران بسبب مرور الأفيال بتلك القرية .

وطلب ملك الفئران من ملك الأفيال أن يغير مسار قطيعه حينما يذهبوا للشرب من النهر ، وطلب منه أن يتخذوا طريقًا أخر حفاظًا على حياة مملكة الفئران ، ومقابل ذلك وعده الملك الفئران أن سيساعده في أي وقت تحتاج فيه الفيلة إلى المساعدة .

فضحك ملك الأفيال وقال : كيف ستساعدنا أيها الفأر وأنت ضئيل الحجم وضعيف ، بينما نحن أقوياء وضخام ، ومع كل سألبي لك طلبك حفاظًا على شعب الفئران من الموت ، وسأسلك أنا وقطيعي طريقًا أخر .

انصرف ملك الأفيال وأخذ معه القطيع عائدًا إلى أرضهم ، وبعد فترة أحست الأفيال بالعطش مرة أخرى ، فذهبت إلى النهر ولكنها هذه المرة سلكت طريقًا أخر غير القرية التي تسكنها الفئران ، ولأن الأفيال لم تسلك هذا الطريق الجديد من قبل وقعت في شباك الصيادين التي كانت في بعض الفخاخ التي وضعوها في منتصف الطريق ، فأخذت الأفيال تتحرك يمينًا ويسارًا لكن دون فائدة ، فاستسلمت بعد عناء لمصيرها السيئ .

ولكن فجأة تذكر ملك الأفيال وعد ملك الفئران له بالمساعدة ، وقال : لما لا أطلب مساعدته فقد يستطيع أن يفعل شيء بقوارضه ، وبالفعل طلب ملك الأفيال من بعض الأفيال التي حالفها الحظ ولم تقع في شباك الصيادين أن ينطلقوا بسرعة إلى القرية المهجورة ، ويطلبوا مساعدة الفئران.

لم تمضي دقائق قليلة حتى جاءت أفواج الفئران لتنقذ الفيلة من ذلك الفخ ، وبدأت جميعها في قرض الشباك وظلت تعمل بجد وجهد حتى استطاعت تخليص الفيلة وإخراجها من تلك الورطة ، ولما أصبحت الفيلة حرة شكر ملكها ملك الفئران على جميل صنعه .

وقال له : حقًا العبرة ليست بالحجم لكنها بالقدرة ، وأنت أيها الفأر كان لديك القدرة على المساعدة ، لقد أخطأت في تقديرك من قبل ، لكني أعدك ألا أخطأ ثانية ، وتصافح الملكان وصار من يومها الأفيال والفئران أصدقاء كل منهما يساعد الأخر .

By Lars