قال صبي لجدته : يا جدتي البلابل تكثر الغناء في فصل الربيع ، حين يكثر الورد ، ويقال أن البلبل يحب الورد ، فإذا رآه فرح وغنى ، وإذا ذهب الربيع بورده ، حزن وسكت ، فلماذا يحب البلبل الورد ؟!
الصبية الجميلة :
قالت له جدته : كانت في غابة بعيدة عن المدن ، قرية تظللها الأشجار ، يجري فيها نهر ماؤه عذب صاف ، وكان على شاطئ النهر دار صغيرة بيضاء ، وكان في الدار صبية جميلة ، تعيش مع جدتها العجوز .
الابنة والجدة :
مضت السنوات متواصلة ، وملأ نفس الصبية حب جدتها ذات الشعر الأبيض ، والوجه المجعد وكانت لا تحب في الدنيا أحداً كجدتها ، ولا تصبر على فراقها ساعة .
الحديقة الغناءة :
كانت الجدة وابنة بنتها تمضيان النهار في الحديقة الواسعة ، حول الدار ، وتسقيان الأزهار ، وتأمران البستاني بإصلاح الأشجار ، وغرس أنواع الأشجار الغريبة والأزهار العجيبة ، وجلبتا إلى الحديقة أصناف الطيور ، وجعلتاها جنة ، كل أوقاتها ربيع تغني الطيور فيها كل وقت ، تغني في الربيع الجميل .
وتغني في أيام الشتاء الباردة ، يأتي الشتاء وينزل البرد ولكن الأزهار لا تذبل ، ولا تسقط والطيور لا تهجر الحديقة ، ولا تمسك عن الغناء ، وكثيراً ما كان يأتي إلى الحديقة ، طفل من أطفال القرية ، ويلعب مع الصبية في الحديقة ، ويجمع معها الأزهار ، والجدة واقفة معهما تنظر إليهما وتلعب معهما .
عاشت الجدة وحفيدتها عيشة صفاء ونعيم وسعادة ، وكانتا تزينان الدار ، بكثير من الأزهار التي تغرسانها وتقطفانها بأيديهما ، وكانتا تطعمان الطيور الصغيرة التي تغني على أغصان الأشجار ، وتمضيان النهار مسرورتين في الحديقة ، فإذا جاء الليل زقزت لهما الطيور التي في الحديقة على نوافذ الدار وغنت حتى تناما .
بعد مرور السنوات :
ولكن حدث بعد ذلك أمر كدر هذا الصفاء ، بعد مرور السنين ، مرضت الجدة وزارها كثير من الأطباء ، فما عرفوا مرضها ولا وصفوا دواءها .
الداء والمعالج :
وكان في القرية رجل صالح يعتزل الناس ، ويمشي وحده في الغابات والحقول ، وكان يحسن إلى كل إنسان ، ولا يريد من أحد جزاءً على عمله ، وكان عارفاً بالطب ، شفى كثيراً من المرضى بعد أن عجز الأطباء عن علاجهم .
الصبية والشيخ :
وكانت الصبية تعرف الشيخ ، لأنها كانت تراه أحياناً يمشي في حديقتها ، فتقدم له هدية من الورد، وكان هو يحبها ويعطف عليها ، قالت الصبية : أذهب إلى الشيخ ، وأخبره بمرض جدتي .
العلاج الشافي :
فلما أخبرته فكر كثيراً ، ثم نظر إليها وقال : يا بنيتي ستشفى جدتك ، قد عرفت لها دواءً قرأت وصفه في بعض كتبي ، استمعي يا بنيتي ، يجب أن تشم جدتك وردة في الصباح قبل طلوع الشمس ، ولكن لابد أن تكون الوردة حمراء ، فرحت الصبية قليلًأ ثم اغتمت ، لأنه لم يكن في الدنيا في ذلك الوقت وردٌ أحمر.
قال لها الشيخ : يا بنيتي هذا أيضاً يسرٌ وسهل ، وفي حديقتك كثيرٌ من أشجار الورد ، وكلها تحبك لأنك تحبينها وتسقينها وتربينها ، فاسأليها أن تجد لك وردة حمراء ، اسأليها ولا تحزني .
الصبية والحديقة :
فرجعت الصبية فرحة ، ومرت بأشجار الورد ، تسألها واحدة واحدة ، عن وردة حمراء ، وطافت في الحديقة مرات تعيد سؤالها ، فأجابت كل شجرة : يا سيدتي العزيزة ، كيف آت بوردة حمراء ، مستحيل أن أزهر وردة حمراء ، فرجعت الصبية إلى حجرتها حزينة باكية يائسة ، والدمع يسيل من عينيها كالمطر ، لا يسرها جمال الحديقة ولا غناء الطيور حولها ، ثم غابت الشمس وراء الأشجار وبدأ الظلام يغطى العالم .
الصبية والطير :
هبط إلى الحجرة طائر جميل ، يغني ويرفرف بجناحيه ومس بريشه شعر الصبية ، ثم وقف على النافذة وأخذ يصفر صفيراً مؤثراً ، ثم قال لها : لا تحزنين ، ستجدين وردة حمراء ، ثم طار وغاب عنها ، سأل الطائر كل الأشجار التي يعرفها وسألهم أن تعطينه وردة حمراء ، فأجابه كل الشجر أن هذا محال .
فطار إلى الصحراء ، ووقف عند شجرة وحشية على سفح جبل ، وتضرع إليها أن تعطيه وردة حمراء ، قالت له : أيها الطائر الجميل ، ليس عندى ورد أحمر ، لكني سوف أدلك على شجرة تجد عندها ما تطلبه ، ارجع إلى صديقتك ، وستجد تحت نافذة الدار شجرة ، سوف تعطيك الوردة المطلوبة .
الطير والشجرة :
فرح الطائر وخرج مسرعاً يغني ، وجاء إلى الشجرة التي تحت النافذة وأخبرها بأمره ، وشكا إليها غمه ، فاهتزت الشجرة من الحزن وقالت : إن هذا صعب جداً ، وأن فيه هلاكك ، قال الطائر : لا أبالي بالهلاك لإرضاء سيدتي ، وتضرع إلى الشجرة ألا تخيب رجاؤه .
الوردة الحمراء :
فقالت الشجرة : الآن يطلع القمر فتعالا حينئذ وقرب قلبك من شوكي ، وغني بأغانيك المطربة حتى أنام ، فيرسل القمر زهرة لن تتفتح ، أن تأتي قبل طلوع النهار بقليل ، لوجدت وردة حمراء .
ولما طلع القمر وملأت أشعته الأرض ، جاء الطائر ووقع على الشجرة وقرب قلبه من شوكها ، وغنى غناءً عذباً مطرباً ، فظهر على أوراق الشجر وردة ، وكانت تزداد حمرةً ، كلما ازداد ضغط الطائر بقلبه على أشواك الشجرة ، حتى تفتحت الزهرة وسارت وردة حمراء .. ولكن الطائر لم يعد يحرك ساكناً فقد مات الطائر .
الصبية والوردة الحمراء :
ولما طلع النهار ، استيقظت الصبية مبكراً ، وأطلت من النافذة ، فإذا بوردة حمراء تطل من النافذة ، فخرجت الصبية إلى الشجرة وقطفت الوردة الحمراء وأسرعت بها إلى جدتها ، فشمتها وشفيت من مرضها .
الجدة والحفيد :
قالت الجدة لحفيدها ، بعد أن قصت عليه هذه القصة : إن هذه الوردة التي نبتت من دم هذا الطائر البطل الذي ضحى بحياته ، هي أول وردة حمراء ، وقد كان هذا الطائر الكريم بلبلاً ، ومن ذلك الوقت نشأ الحب بين البلبل والورد ، وسارت أشجار الورد ، تزهر ورد أحمر ، تخليداً لذكرى بلبلها العزيز .
فنجان برج الحوت اليوم مع قارئة الفنجان المتميزة لدينا. من خلال تحليل الرموز والإشارات في…
فنجان برج الدلو اليوم الاثنين 28/10/2024 اكتوبر تشرين الاول برج الدلو ماذا يقول فنجانك؟هناك مناسبة…
فنجان برج الجدي اليوم الاثنين 28/10/2024 اكتوبر تشرين الاول برج الجدي ماذا يقول فنجانك؟أنت على…
فنجان برج القوس اليوم مع قارئة الفنجان المتميزة لدينا. من خلال قراءة دقيقة للرموز والإشارات…
فنجان برج العقرب اليوم مع قارئة الفنجان المبدعة لدينا. من خلال تحليل الرموز والإشارات في…
فنجان برج الميزان اليوم مع قارئة الفنجان المميزة لدينا. من خلال تحليل دقيق للرموز والإشارات…