ذات يومٍ تسلق القرد شلهوب شجرة الجوز وأخذ يأكل بشهية بالغة ، وكلما مر قرد من تحت الشجرة ألقى عليه جوزة ، فأصبح يتجمع حوله عدد كبير من القرود ، وقال لهم من الآن فصاعدًا نجتمع هنا تحت شجرة الجوز ، ونصبح نحو معشر القرود عائلة واحدة ونتعاون فيما بيننا ، ولابد أن يكون لها رئيس نأتمر بأمره ولكي يحكم بيننا في أي قضية أو أي خلاف أو نزاع يحدث بيننا .
فوافق الجميع على اقتراح القرد شلهوب ، ثم قال لهم بالأسبوع القادم كل من يريد أن يكون رئسيًا يقوم بترشيح نفسه ، وعندما جاء الأسبوع التالي اجتمعت جميع القرود وقررت أن يكون القرد شلهوب هو الرئيس عليهم ، وتقدم أكبرهم سنًا وقال : ما دمنا نحن القرود نشكل الأكثرية بهذه الغابة ، فاقترحوا أن يكون لنا ملك ووافق الجميع على اقتراحه .
ثم تربع شلهوب على عرش مملكة القرود ثم قال ستكون شجرة الجوز الكبيرة ، هي المكان الدائم لاجتماعنا نحو القرود ، لكي ندرس فيها قضاينا ، ثم عقد اجتماع لكي يخبرهم عن موعد يوم ميلاده ، فقال أحد القرود نريد أن نحتفل معًا بهذه المناسبة السعيدة لكي تكون حفلة تليق بالملك .
سمع الثعلب المعروف عنه بالمكر عن تنصيب شلهوب ملكًا للقرود ، فذهب لكي يخبر الأسد ملك الغابة ، فبعث إليه الأسد لكي يعرف حقيقة الأمر ، فقال له القرد نعم يا سيدي الأسد ما سمعته صحيح ، وتم ذلك باختيار جميع القرود لكي أكون ملك عليهم وأدير جميع شئونهم ، وكما تعلم أن القرود لهم مشاكل عديدة ومن الصعب السيطرة عليها إلا إذا كان لهم حاكم قوي وشديد ، فقال له الأسد إن ذلك مخالف لقانون الغابة .
فلو سمحت لكل جماعة من الحيوانات أن يكون لها ملكًا كما تدعي لأصبحت الغابة مقسمة إلى جماعات مختلفة ، فإن ما قمت به يعد انفصال عن الجماعة ، فالقرود جزء من المملكة المترابطة والمترامية الأطراف ولها ملك قوي وواحد هو الأسد ، لذلك ما قمت به ينافي قانون الغابة .
فقال له القرد أنا لم أعرف بهذا القانون وإن القرود هم الذين اختاروني ملكًا عليهم ، لأنهم يجهلون هذا القانون ، فقال له انصرف إلى أصحابك فلا يجوز لأحد أن ينافس الأسد ، سأبقى أنا الأقوى وكل من يريد أن يأخذ قرار دون علمي سأدوسه تحت أقدامي ، ثم اعتذر القرد وقال ستبقى أنت الأسد ونحن في خدمتك وتحت حمايتك وإن أمرك مطاع .
من قصص كليلة ودمنة .