كان هناك ولد صغير اسمه بيتر يعيش أمه وأبيه ومربيته في منزل كبير ، له حديقة جميلة وتحيط به شوارع واسعة ، كان بيتر هو الولد الوحيد لهذه العائلة ؛ لهذا كانوا جميعًا يهتمون به كثيراً ، ويحضرون له كل اللعب والأشياء التي يطلبها .

وفي يوم عيد ميلاده أقاموا له احتفالًا كبيرًا ، وأحضر له أبوه صندوق لعب كان به خمسة وعشرون رجلًا مصنوعين من المعدن ، ويرتدون زي الجنود ، وكان من بينهم جندي واحد فقط له ساق واحده يقف عليها ، ومع ذلك كان يقف دائما بثبات دون أن يهتز أو يسقط.

كان بيتر يخرج الجنود كل يوم من صندوق اللعب ، فيمسك الجندي ذو الساق الواحدة ويضعه على الرف ثم يلعب بباقي الجنود طوال النهار ؛ لهذا كان الجندي المعدني وحيدًا وحزينًا دائمًا ، وكان وهو واقف على الرف ينظر حوله في أنحاء الغرفة يبحث لنفسه عن صديق من بين الدمى ، واللعب الكثيرة الموجودة حتى وقع بصره على راقصة بالية جميلة تقوم بحركات رائعة ورشيقة ، وهي واقفة على قدم واحدة ، فقال الجندي المعدني لنفسه : إنها أجمل شيء رأيته في حياتي ، لو استطيع أن اقترب منها وأتحدث إليها!

لكن الجندي لم يكن يستطيع الحركة فظل واقفًا في مكانه طوال اليوم ينظر إليها ، حتى جاء المساء وجد نفسه يتحرك وهو وبقية الدمى ، فكر الجندي أن يذهب إليها ويلعب معها لكنه كان خجل .

وفي اليوم الثاني جلب بيتر الألعاب من صندوقه الصغير ، وأخرج كل الجنود ووضع معها الجندي المعدني ذو الرجل الواحدة ، وأخذ يلعب بهم ، لكنه في المساء نسى الجندي كعادته بالخارج ، وهذه المرة تركه على النافذة .

فجاءت ريح قوية أوقعت بالجندي في الشارع ، فسقط تحت الأمطار الغزيرة ، وحزن كثيرًا لتركه بيت بيتر ، ولأنه لن يرى راقصة البالية مرة أخرى ، وتصادف وقوعه مع مرور طفلين ، لما رأوه قال ما هذا أنه جندي برجل واحده ، لا بد أن نصنع له قارب حتى يبحر به عبر الشارع لأنه لا يستطيع السير ، وجلب الصغار بعض الأوراق وصنعوا منها قاربًا للجندي المعدني الصغير .

وبعد فترة وجد الجندي نفسه وقد وصل للنهر ، ولكن مع قوة الرياح تحطم قاربه ، وسقط في أعماق البحر فاقتربت منه سمكة كبيرة وابتلعته ، حزن الجندي كثيرًا لضياعه وابتعاده عن صندوق ألعاب بيتر ، ولكن فجأة وجد السمكة التي ابتلعته تتحرك للأعلى ، فقد اصطادها صياد ماهر ، ولما رآها كبيرة وجميلة قال : سأبيعها لأهل بيتر فهم سيدفعون لي فيها مبلغًا كبيرًا .

وبالفعل ذهب الصياد إلى بيت بيتر ، وقابل أباه وباع له السمكة بمبلغ خبير ، فأعطي أبو بيتر السمكة لزوجته لتنظفها ، ولما فتحتها وجدت فيه الجندي المعدني الصغير فاندهشت كثيرًا ، وقالت له : ما الذي أتى بك هنا ، إن ابني بيتر حزن كثيرًا على ضياعك ، فلما سمع الجندي هذا الكلام فرح وحمد الله أنه عاد لبيت صديقه بيتر ، فقد كان يظن أنه لا يحبه .

وبعدها أخذت الأم الجندي المعدني ذو الرجل الواحدة وغسلته وجيدا ووضعته بجوار راقصة البالية حتى يراه بيتر عند عودته من المدرسة ويفرح بها ، ولكنه أثناء ترتيبها للغرفة نست النافذة مفتوحة .

فاشتدت الرياح بعد وقت قصير وأوقعت الجندي وراقصة البالية في المدفأة ، وصادف ذلك دخول بيتر الحجرة ، فانتشلهما سريعًا حتى لا تلتهمهما النار ، ولكنه وجد الجندي والراقصة قد التصقا معا بفعل الحرارة على شكل قلب.

فقال : الله لقد صارا أجمل بكثير ، سأتركهما هكذا ، ووضعهما على المائدة معًا ، وخرج من الحجرة ، ففرح الجندي المعدني صاحب الساق الواحدة كثيرًا ، لأن أمنيته قد تحققت أخيرًا واجتمع مع راقصة البالية الجميلة ، وصارا لا يفترقان أبدًا.

By Lars