يحكى أنه في يوم مشمس جميل خرجت الدجاجات من عشها وهن يمرحن ويلعبن ، وقد قررن أن يقضين اليوم في الحقول للتنزه والاستمتاع بأشعة الشمس الذهبية الجميلة ، وكان من بين الدجاجات دجاجة رمادية اللون صغيرة الحجم ، وكانت باقي الدجاجات يسخرن منها باستمرار بسبب ضعف حجمها .
وخرجت الدجاجات وهن يقفزن في سعادة ، وحين بدأن السير توقفت الدجاجة البيضاء وصاحت بزميلاتها ، انتظرن يا أخواتي فإننا اليوم سوف نتسابق ونرى من تكون الأقوى والأسرع ، وقبل أن نبدأ لابد أن نضحك على هذه الدجاجة الرمادية التي لا نكاد نراها .
ثم أكملت في غرور إن لوني بديع لون النقاء والصفاء ، وهو لون اللبن الذي يتغذى عليه الأطفال الصغار حتى يكبروا ، كما أن الكبار يتناولونه للحفاظ على عظامهم .
فردت الدجاجة السوداء بنفس لهجة التفاخر والتعالي ، أنا الدجاجة السوداء إن لوني ملك الألوان فهو لون الليل الذي أبدعه الخالق سبحانه وتعالى ، وجعله سكنًا للناس وأمنًا من عناء العمل ، ثم أكملت في سخرية أما هذه الدجاجة الرمادية فإنها تضايقني بلونها الرمادي وجسمها الضعيف .
فتقدمت الدجاجة الصفراء ووقفت في وسط المجموعة وقالت بفخر ، انظروا يا أحبائي إلى لوني البديع كأنه سبائك الذهب الخالص ، وإن لوني أيضًا هو لون قرص الشمس التي تفيض على الناس بضيائها ، وتمنحهم الدفء في الشتاء .
فتقدمت الدجاجة الحمراء ووقفت تنفض ذرات التراب التي علقت بريشها الأحمر ثم قالت في خيلاء ، أما أنا فلوني لون الدم الذي يجري في العروق ، ولوني أيضًا هو لون النار التي خلقها الله للناس ليطهو عليها طعامهم ويستدفئون بها في الشتاء .
وكانت الدجاجة الرمادية تستمع لأقوال الدجاجات فبكت وهي تقول إنني من خلق الله سبحانه وتعالى ، فلماذا تسخرون مني ، وأنا أتعجب منكم فإن لوني لون السحاب المسخر بإذن الله ليسقط الأمطار على الأرض ، فيسقي الأرض والزرع ، وبدون المطر تجف الأرض ويهلك الناس .
ثم جففت دموعها وقالت لهن ، إن كنتن تسخرن مني بسبب قلة أكلي فإن الله سبحانه وتعالى قد نهانا عن الإسراف في تناول الطعام ، وكان الأولى بكم حين رأيتموني ضعيفة أن تقولن لي قولًا معروفًا ، وتنصحونني بإن أهتم بألا يكون جريي ومجهودي أكبر من طاقتي ، فكنت بذلك أحفظ لكم المعروف ، ولأصبحنا جميعًا صديقات وأخوات يحب بعضنًا بعضًا .
ثم نظرت الدجاجة الرمادية إلى السماء ، فرأت الشمس وهي تستعد للمغيب والرحيل فقالت ، لقد حان وقت العودة للبيت ولابد من عودتي الآن ، ولكن لابد من أن أنادي شقيقاتي قبل أن يأتي عليهن الليل فيضللن الطريق ويأكلهن الذئب .
فأخذت تصيح وتنادي على زميلاتها حتى جئن إليها وعرفن مكانها ، فقد رأين الذئب على مقربة منهن ، ولم ينقذهن منه إلا جريهن في اتجاه صوت الدجاجة الرمادية اللاتي سخرن منها قبل ذلك ، فلم تنتقم منهن وتتركهن ليضللن الطريق ويأكلهن الذئب بل كانت السبب في نجاتهن .