في مدينة القباب السبع كان يعيش الملك المنصور وابنه الأمير فارس ، كان الملك المنصور ملكًا عادلًا يحبه الناس ، خرج الملك يومًا للصيد في الصحراء ، كانت الشمس حارقة ، فجلس الملك تحت شجرة ونام ، جاءت حية وزحفت بهدوء وفجأة لدغت الملك النائم ، عاد الفرسان بالملك إلى المدينة ، ظل الملك نائم دائمًا لا يتكلم ولا يتحرك ، وكان فارس حزين لحال أبيه لا يعرف ماذا يفعل ؟
بدأ الأطباء يزورون الملك ، ويقولون لفارس : للأسف حالة الملك غريبة ولا نعرف لها علاجًا ، ونصحه أحد الأطباء بالذهاب للحكيم صهبان ، وبالفعل ذهب فارس إلى بيت حكيم الموجود خلف الجبل ، وحكا له ما حدث لأبيه الملك ، فقال الحكيم لفارس أنه يعرف دواء الملك وهي أعشاب طويلة كالسهام موجودة في بلاد الأقزام.
ووصف له كيف يحصل عليها ، فهناك عصفور جميل يغني أجمل وأعذب الألحان سيرشده إلى مدينة الحمام التي يسكنها الجان ، ذهب فارس إلى الغابة ليبحث عن العصفور المنشود ، وبالفعل وجد فارس عصفور أخضر يغني ويقول أنا عصفور السلام أذهب لمدينة الحمام ، أمسك فارس بالعصفور وأطلقه فسار شمالًا وفارس وراءه ، ولما رأى فارس حمامًا كثيرًا عرف أنه وصل للمدينة التي بها الدواء ، وهناك وجد سيدة تبكي وتقول الغول خطف ولدي أعيدوا إلىَ ولدي .
فتعجب فارس مما سمع ، وسألها عن سر خطف الغول لولدها ، فقالت المرأة : إنما خطفه ليأكله ، ونحن نخاف منه ولا نستطيع إيقافه ، فقال فارس الشجاع : لا تقلقين سأذهب إلى الغول وأنقذ ولدك ، وسار فارس حتى وصل لقلعة كبيرة ، وجد فيها الغول نائمًا وبجواره طفل صغير مقيد بالحبال يبكي ، وإناء ماء كبير يغلي ويتصاعد منه الدخان .
شعر الغول الشرير بخطوات فارس فاستيقظ على الفور وجرى وراءه ، ولما هم أن يمسكه دفعه فارس فوقع على الماء المغلي ، وأمسكت به نيران الموقد حتى قضت عليه ، فأنقذ فارس الطفل الصغير وخرج به من القلعة وأعطاه لأمه التي كانت تبكي بحرقة على صغيرها ، شكر الأهالي فارس لأنه خلصهم من خطر الغول الشرير ، وسألهم فارس عن بلاد الأقزام أين تقع ؟ فاخبروه أنها خلف قلعة الغول.
وسار فارس بحصانه حتى وصل لأرضٍ واسعة كبيرة ، ربط حصانه بإحدى شجراتها ونام مرهقًا من طول السفر ، ولما استيقظ وجد الأقزام من حوله ، فخافوا منه في أول الأمر لأنه كان عملاق بالنسبة لهم ، ولكن فارس طمأنهم وطلب منهم أن يرشدوه إلى الحقل الذي يسكنه الجان ، فأخذوه إلى أمير الأقزام ، الذي أخبره أن هناك ثلاث طرق ، في الطريق الثالث حقل الجان.
سلك الفارس الطريق حتى وصل إلى الحقل ، وهناك وجد السنابل التي قال عليها الحكيم ، وما إن أمسك واحدة حتى تحولت في يده إلى جني كبير ، فزع فارس وارتعد من شدة الخوف ، ولكن الجني قال له : لن أؤذيك يا فارس فأنت البطل الشجاع الذي أحب الخير وساعد الغير ، أنا أعلم ماذا تريد ، وها هو الدواء العجيب .
فرح فارس كثيرًا ، وشكر الجني الطيب وعاد إلى مدينة القباب السبع ومعه دواء الأعشاب ، وما إن أخذه الملك حتى استرد عافيته وعاد إلى حكم البلاد ، وعاش الجميع في سعادة ورخاء ، وفرح الملك كثيرًا بابنه الشجاع ، واطمأن أنه من سيحكم المدينة من بعده.