عاد الربيع وكست الأشجار ألوان الثمار الجميلة والزهور المتفتحة ، وظلت الأغصان تنمو وتكبر ، بل وظهرت أوراق جديدة خضراء وجميلة ، وكان نسيم الربيع المنعش يمر على الأغصان فتهتز من الفرح ، وظل هواء النسيم يُداعب الأوراق فتتمايل مسرورة ضاحكة .
وكانت الشجرة الأم سعيدة بنمو أغصان جديدة لديها ، وكانت الشجرة الأم تحب أغصانها وتعتني بهم ، وذات يوم اقترب الغصن الصغير من أمه وكان يشعر بالحزن الشديد ، حيث كان يظن أن الشجرة الأم تحب إخوته الأغصان الأكبر أكثر منه .
وكان هذا غير حقيقي ، فكانت الشجرة الأم تحب كل أولادها الأغصان ، وتُحسن معاملتهم جميعًا ولا تميز أحد عن إخوته ، بل وأخبرها الغصن الصغير أنه يشعر بسوء معاملة حتى من حيوانات الغابة ، إذ كان الغصن الأصغر والأقصر فكانت الحيوانات أثناء مرورها أسفل الشجرة كانت تصطدم به ، والبعض كان يأكل من أوراقه .
وكان كل ذلك يُحزن الغصن الصغير ، وما يزيده حزنًا هو غيرته من إخوته الأكبر ، لأنه هو موجود في الأسفل ، والأغصان الأكبر تظلل أشعة الشمس عنه ، ولكن كانت أمه تًصبره وتخبره بأنه سيكبر ويصبح طويلًا مثل إخوته .
لكن كان الغصن الأصغر يشعر بعدم الرضا ، وكان يريد أن يُصبح أعلى الشجرة حتى يرى الكون والمزرعة والشمس والطيور ، ورغم أن أمه أوصته أن لا يحاول صعود الشجرة لأعلى لأنه لن يقوى على حرارة الشمس وصقيع البرد ، لكن لم يستمع لكلام أمه .
وذات يوم وعندما حل فصل الشتاء ، انتظر الغصن الأصغر حلول المساء حتى نامت أمه ، وصعد إلى أعلى الشجرة ، وفي الليل اشتد صقيع الشتاء ، ونزل المطر وظل الغصن الصغير يرتجف من شدة البرد .
بل وهبت ريح شديدة كسرت الغصن الصغير ، وظل معلقًا بالفرع العلوي وهو بحالة إعياء شديدة لما أصابه من كسر ، وظل هكذا حتى هدأت الرياح وسمعت أمه صوته يئن من شدة الألم ، وقد كانت تبحث عنه ، فغضبت منه لأنها أوصته أن لا يصعد إلى أعلى الشجرة ، وشعر الغصن الصغير بالندم ، وتمنى لو كان في مكانه أسفل الشجرة ، والآن قد أصبح مصابًا بسبب تمرده وعدم رضاه عن حالته ، وتعلم الغصن الصغير درسًا في الرضا وطاعة كلام أمه .