لم يكن الخروف كرامبلو يهتم بنظافة جسمه وصوفه ؛ في حين كان معطف زملائه نظيفًا وجميلًا ، كان في غاية الإهمال ؛ عندما يريد أن ينام يلقي بنفسه في أي مكان ، ولا يحسن اختيار بقعة نظيفة يرقد بها ، فيتسخ جسمه وصوفه.
وهكذا أصبحت رائحته لا تطاق ، وبدأ القطيع يبتعد عنه ولا يقترب منه ، بل إنع بعضه كان بسد أنفه عندما يلمحه قادمًا عليه ؛ لأن رائحته كانت فظيعة ، ولذلك لم يجد بين كل من حوله صديقا واحدًا ، ولكنه ضاق بالوحدة ، ومضى إلى المعزة وقال لها : أريد أن أكون صديقًا لك.
مأمأت المعزة قائلة : لا لا أرجوك ابتعد لا يمكن أبدا أن نكون أصدقاء ، فقال لها : لماذا ؟ فقالت : أنت بلا شك تعرف السبب ، وتكرر ذلك مع البقرة ، ومع كل حيوانات المزرعة ، وعندما ألح على الحمار أن يكون صاحبه ؛ هدده الحمار بأن يرفسه ، فخاف الخروف ومشى بعيدًا وهو حزين .
وبقى الخروف بائسًا وحيدًا ، والجميع من حوله لا يطيقون رائحته ولا يطيقونه ، وكلهم لا يصارحونه بالسبب لأنهم لا يريدون له أن يحرج أو يجرح ، وبقى منبوذًا حتى أنهم حين يرجعون من المرعى لا يقتربون منه ، ويجد نفسه وحيدًا ، بل إن الكلب الحارس للقطيع لا يقترب من ناحيته ، وكانت نتيجة ذلك أن الذئب كاد يفترسه ، ولكنه نجا بصعوبة.
وعندما شعر الخروف باليأس من صداقة بقية الحيوانات حاول أن يكون صاحبًا للأشجار ، ولكنها هي الأخرى طلبت منه الابتعاد حتى لا يفسد وجوده رائحة الزهور الجميلة ، فحاول أن يصادق الهواء ، ونادى عليه يطلب مصادقته ، ولكن الهواء رفض قائلًا : أنا عندي ما يكفيني من التلوث ولا أحتاج المزيد.
وهكذا ظل كرامبلو بلا صاحب أو صديق ، وذات يوم كان القطيع داخل الحظيرة المغلقة لأن رذاذا قليلًا كان يتساقط وينذر بسقوط المطر ، وخرج كرامبلو يشهد القطرات الصغيرة وهي تنزل من السماء ، كان الجو باردًا ، لكنه صوفه كان يدفئه وراح يجري هنا وهناك ، ويقفز في الهواء سعيدًا بهذا الجو ، وقد اشتد فرحه أكثر حينما طلب مصادقة قطرات المطر ، ورحبت به وبصداقته.
ابتهج الخروف كرامبلو ابتهاجًا شديدًا ، فها هو أخيرًا قد عثر على من يقبل أن يكون له صديقًا وصاحبًا ، وراح يجري ويقفز ، والمطر ينهمر من فوق صوفه ليغسله ، ولكن حينما اشتد المطر شعر كرامبلو بثقل صوفه فاستأذن القطرات في أن يعود للحظيرة ، وأخذ ينفض عن نفسه قطرات الماء.
الظريف أن بقية الحيوانات لم تعرفه ، إذ أصبح معطفه نظيفًا ، ورائحته مقبولة ، اقتربت العنزة والحمار والبقرة وبقية حيوانات المزرعة إلى هذا الحيوان الجميل النظيف ، وكل منها يسأله أن يكون صاحبًا وصديقًا
ففرح الخروف فرحة شديدة ، فهم لم يعودوا يهربون منه ، ولا يبتعدون عنه بل إنهم يطلبون صداقته ، ورحب بهذا كثيرًا خاصة وهو يعلم أن المطر يسقط أحيانًا ويتوقف أحيانًا ، وهو يريد أصدقاء دائمين .
ولكنه تنبه لشيء هام ، فبصداقته للماء يمكنه أن يكون صديقا للكثيرين ، فهو لم يعد صاحبًا لماء المطر فقط ، بل وصديقا لماء النهر أيضًا ، لأن هو الذي يزيل عنه القذارة ويمنحه الرائحة الجميلة ، وحتى يقترب أيضا من الجميع ، ويصبح الكل أصدقاء له وأصحاب.