كانت نانسي تعيش بالقرب من شاطئ البحر ، وفي ليالي الصيف كانت تجلس على الشاطئ تتأمل الأمواج المتلاطمة حالمة بعالم الخيال والمغامرة ، وذات ليلة بينما كانت نانسي جالسة بجوار برك المياه المتكونة وسط صخور البحر ، شد انتباهها بريق خافت يتلألأ أمام عينيها وسمعت صوتا ضعيفا يصيح : النجدة … أنقذيني .

نظرت نانسي بلهفة إلى مصدر الصوت ، إنها عروس البحر! عروس بحر صغيرة وجميلة! فركت نانسي عينيها ، وأخذت تفكر هل هي  تحلم ؟ أم ما تراه صحيحًا ؟ ، لكن عروس البحر صاحت مرة أخرى : أنقذيني أرجوك ؛ فقد جرح ذيلي في العاصفة ليلة أمس ولم أستطيع العودة إلى المنزل .

صاحت نانسي وهي جالسة على ركبتيها بجوار بركة المياه قائلة : آه ، يا لك من مسكينة حقا ! سأساعدك على قدر استطاعتي ، فهمست عروس البحر قائلة : أشكرك ، وردت عليها نانسي في عطف : لا تقلقين ، ستكونين معي في أمان ، وسأعتني بك .

انتشلت نانسي عروس البحر الرقيقة من الماء ، وحملتها بحذر شديد ، وصعدت بها درجات السلم حتى وصلت إلى المنزل ، وهناك في غرفتها كان يوجد حوض سمك زجاجي كبير ، وهو بالطبع المكان الأمثل كي تستريح فيه عروس البحر ، بمجرد هبوطها إلى الماء ابتسمت عروس البحر قائلة : أنا ميمي ، ما اسمك؟

فابتسمت نانسي وأخبرتها باسمها ، وفي تلك الليلة ظلت نانسي مستيقظة طوال الليل تتأمل ميمي وهي نائمة ، وكانت تشعر بسعادة غامرة لأنها تعرفت بعروس بحر حقيقية ، وها هي تنام في غرفتها أيضًا .

في صباح اليوم التالي قفزت نانسي من فوق سريرها ، وأسرعت نحو حوض السمك لتتأكد أنها لم تكن تحلم ، وهنا نظرت نانسي بلهفة شديدة في حوض السمك ، ورأت ميمي مستيقظة ، وذيلها يبدو أحسن حالًا ، فقد عاد يتلألأ من جديد .

وراحت نانسي وميمي تتحادثان طيلة النهار ، وكل منهما يحكي عن نفسه للأخر ، وأخذت ميمي تتحدث عن عالم عرائس البحر ، وكيف تسبح تلك العرائس بين الشعاب المرجانية وتلهو مع أفراس البحر ، ونانسي أخذت تحكي لها عن المدرسة ، واللعب .

في تلك الليلة ، كانت أحلام نانسي حافلة بعالم الخيال ، وعرائس البحر ، والأماكن العجيبة في أعماق البحار ، استردت ميمي صحتها شيئًا فشيئًا ، لكن بمجرد أن استعادت قوتها السحرية تلألأ ذيلها وأصبح أكثر وميضًا ، فحولت حوض السمك لعالم بحري جميل وبراق .

اعتادت نانسي على وجود ميمي ؛ فكانت تعود كل يوم من المدرسة مسرعة حتى تتحدث مع رفيقتها الجديدة ميمي ، وفي يوم من الأيام أخبرت نانسي صديقتها ميمي أنها تتمنى لو كانت عروس بحر ، تجوب العالم كله ، وتستمتع بالحياة في البحر .

فقالت لها ميمى : انه أمر رائع ، فأنا وأصدقائي نجوب العالم ، ونساعد الحيوانات المصابة ، أو الواقعة في شرك الصيد ، بل إننا في بعض الأحيان نستخدم ذيلنا المتلألئ في إرشاد البحارة وتوجيهم وقت هبوب العواصف الشديدة .

فصاحت نانسي في دهشة : حقا….لم أكن أعلم هذا ، فأكملت ميمي حديثها قائلة : إنه شيء مثير ، ولكنه قد يكون مروعًا ؛ فعندما أصبت في تلك العاصفة الرهيبة افترقت عن أصدقائي بسبب موجة كبيرة ألقت بي على الصخور ، وهنا تنهدت ميمي ثم استطردت حديثها قائلة : لابد أنهم يتساءلون الآن عما حدث لي .

نظرت نانسي إلى ميمي بحزن ، وأدركت أنها لابد أن تعود لوطنها ، وأصدقائها ، فقالت لها : عليك أن تعودي يا ميمي ، فأجابتها ميمي : نعم ولكني سأفتقدك ، فقالت نانسي : لولا أن الفراق قدرنا لوددت أن أذهب معك وأزور عالمك العجيب ، فابتسمت ميمي فجأة وأخذت تغني أغنية سحرية .

حينئذ شعرت نانسي بتأثير عجيب من حولها ، وبدأت تسمع صوت تدفق مياه المحيط ، وهو يعلو أكثر وأكثر ، وفي طرفة عين ، كانت نانسي هناك في المحيط مع ميمي ، تسبح وسط الدلافين وهي تتراقص وتغني في الماء .

وعندما خلدت نانسي للنوم في تلك الليلة ، كانت لا تزال تتردد على أسماعها الأغنية التي تغنت بها ميمي ، كما كانت تشعر بالرمال بين أصابع قدميها ، وفي صباح اليوم التالي احتضنت نانسي ميمي بين يديها للمرة الأخيرة ، بينما كانت تحملها إلى الشاطئ ؛ لكي تعود إلى وطنها.

وهنا أهدت ميمي صدفة من نوع نادر لنانسي ، وهي تقول لها برقة : لا تحزني يا نانسي ، فكلما اشتقت إلي ، ضعي هذه الصدفة على أذنيك وستسمعين صوت البحر وهو يهمس داخلها ، وبضربة خفيفة من ذيلها اللامع ، وبدأت عروس البحر الصغيرة تسبح في الماء ، لكن بمجرد أن لوحت بيدها لنانسي كي تودعها ، رأت نانسي ذيلين آخرين لامعين بجوار ميمي .

فعلمت أنها التقت بأصدقائها ، وأصبحت بأمان ، أما نانسي ، فكلما اشتاقت لميمي ، ما عليها إلا سماع الأصوات الصادرة عن الصدفة والبحث عن البريق المتلألئ في البحر ، حيث أن ميمي ستكون دوما قريبة من الشاطئ.

By Lars