كان هناك جزيرة تعيش عليها كل المشاعر والأحاسيس : السعادة والكآبة ، الجهل والمعرفة ، الأمل واليأس ، الغرور والقناعة ، الحكمة والحماقة وغيرهم الكثير من الأحاسيس والعواطف بما في ذلك الحب ، وذات يوم تم إعلامهم جميعًا أن الجزيرة سوف تغرق !
استعدت كل المشاعر لهذا الحدث الجلل ، لذلك شرع كل واحد منهم في إنشاء قاربه لينجو بنفسه ، باستثناء الحب ! ، الحب من حبه للجزيرة ظل مستمسكًا بها ولم يبني قاربًا مثلهم ، فهو صمم ألا يتركها حتى آخر لحظة ممكنة .
ولكن للأسف فما تم تحذيرهم به كان صادقًا لقد بدأت الجزيرة في الغرق ، ولم يعد أمام الحب إلا طلب المساعدة ، سادت لحظات من الهرج والمرج بين كل الأحاسيس وقت غرق الجزيرة ، كل يريد أن يجمع أغراضه وأمتعته لينقذها ويضعها بقاربه ، لينجو بها أما الحب كان يطلب المساعدة ولكن لانشغالهم ، لم ينتبه إليه أحد .
غادر الجميع الجزيرة ، وكانت الجزيرة تغوص أكثر وأكثر وبها الحب الذي تشبث بآخر قطعة جافة فيها قبل أن تغرق ، كان الثراء يمر بقاربه أمام الحب ، فقال له : يا غني ، هل يمكنك أن تأخذني معك ؟ ، أجاب الثراء : أووه آسف يا صديقي ، لا أستطيع ، فأنت كما ترى لدي الكثير من الأموال والذهب والفضة في زورقي وكما ترى المكان هنا مملوء على آخره أخشى أن تأتي ونغرق أنا وأنت وأمتعتي .
كان الغرور يمر على مقربة من الحب فناداه الحب طالبًا منه المساعدة ، ولكن الغرور كان جوابه تقريبًا مشابهًا للثراء : أنا لا أستطيع مساعدتك ، أيها الحب ، أنت تقريبًا مبتل وربما تضر قاربي ، فستغرقني أنا وقاربي .
بدأ الحب يغوص أكثر مع آخر قطعة جافة في الجزيرة ، وهو ينظر إلى باقي المشاعر وهي تمر أمامه ، مر الحزن بالقرب من الحب فاستنجده الحب قائلا : يا حزن ، أتأخذني معك ؟ فأجاب الحزن على الحب قائلا : آه .. ياحب ، أنا حزين جدا ، أتركني وشأني ، فأنا بحاجة إلى أن أكون بمفردي في هذا الوقت ! اتركني وأحزاني .
مرت السعادة أيضًا على الحب ، لكنها كانت منشغلة جدًا مع سعادتها لدرجة أنها لم تسمع حتى عندما نادى عليها الحب ، لم يرق قلب أي عاطفة على الحب ، فكل فكر في أمر نفسه ونجاته فقط ، والحب يغوص أكثر وأكثر .
مرت العواطف واحدة تلو الأخرى ، ولكن كل منهن تتحجج بحجة غير الأخرى ، وانتهى الأمر بالحب وحيدًا مهددًا بالغرق في أيتها لحظة ، استسلم الحب أخيرًا للغرق وفقد أي أمل أن ينقذه أي أحد من تلك العواطف الانانية ، وبدأ في النزول في الماء شيئًا فشيئًا .
إلى أن سمع فجأة ، أحد ينادي قائلًا : لاتستسلم ، لا تستسلم سآتي لآخذك ، ظل الصوت ينادي تعال ، أيها الحب ، تعال ، وسوف آخذك معي ، كان شيخًا ، فرح الحب وسادته سعادة غامرة ، ركب في القارب وفي أثناء ذلك نسي الحب أن يسأل إلى أين هم ذاهبين ؟ او من هذا الذي انقذه ؟ ، وعندما وصلوا إلى أرض جافة ، أنزلهم الشيخ وأطمأن عليهم ثم ذهب وسار في طريقه الخاص .
أدركت كم أنا مدينا لهذا الشيخ الذي أنقذ حياتي ، طلبت من شيخ المعرفة أن أعرف من هذا الشيخ قائلا له : ” هل تعلم من ساعدني ؟ ألم تعرفه ، إنه الوقت أجاب شيخ المعرفة ، الوقت اندهش الحب ، ثم ابتسم شيخ المعرفة فقد قرأ الدهشة في عينيه وأجابه : لأن الوقت هو الوحيد القادر على فهم قيمتك الثمينة أيها الحب .