كان هناك رجل غني وعندما تزوج أنجب من زوجته ولدين ، وظل يراعاهما ويتولى تربيتهما وينفق عليهما حتى كبرا ، وأصبحا رجلين قادرين على تحمل المسئولية ، ثم بعدها بفترة من الزمن مرض الرجل بمرض شديد ، وظل يعاني من هذا المرض حتى مات من شدة ما أصابه من أثار ذلك المرض ، وترك لولديه ثروة هائلة .

كلٌ يختار طريقه
اقتسم الولدان تلك الثروة ؛ فعمل الابن الأصغر في التجارة وأخلص لله في عمله ، وأجد واجتهد لكي تزدهر هذه التجارة ، وكان كثير التصدق لا يبخل على عباد الله بنعمة ، فنمت تجارته وازدادت أمواله وأصبح لديه ثروة هائلة ، ولم يكن له أعداء حوله لذلك كانت أمواله محصنة لا يؤثر فيها حسد من النفوس المريضة التي تقوم بحسد الناس .

أما الابن الأكبر فقد اختار لنفسه طريقًا أخر ، فقد ظل ينفق ثروته في سبل لا يرضي الله تعالى ، ولم يعي بحاله إلا وقد نفذت أمواله ، نفدت أموال الأخ الأكبر عن آخرها ، وأصبح فقيرًا لا يجد ما يصرف منه على نفسه ولا يسد رمقه ، ومع ذلك كان أخوه الأصغر لم يتركه للفقر وظل يعطف عليه مما يملك ، ويئويه ويقدم له من المأكل والملبس ما يكفيه .

الأخ الحسود يُظهر أنيابه ..
ولكنه لم يرضه كل ما كان أخيه الأصغر يعطيه له ، بل أخذ الحسد يأكل في قلبه غِلًا وبغضًا لأخيه ، وفكر في طريقة يضيع بها ثروة أخيه ، حتى يصبح مماثلًا له في الفقر ، وبذلك يطمئن قلبه فلا يعايره الناس بفقره ويشيدون بسمعة أخيه .

فصار يجتهد للوصول إلى تنفيذ غرضه الدنئ ، وأخيرًا اهتدى بوحي من إبليس إلى رجل حسود اشتهر بحسده ، وقليل من القوم من نجا من حسده ، وكان الحاسد ضعيف البصر ، لا يكاد يرى إلا عن قرب ، فذهب الأخ الأكبر إلى الرجل المشهور بالحسد .

من حفر حفرة لأخيه وقع فيها.
واتفق معه على حسد أموال أخيه الأصغر مقابل حفنة من المال ، يؤديه إليه عندما هلاك ينال مبتغاة ويتخلص من ثروة أخيه ، انطلق الاثنان في طريقهما للقيام بما اجتمعا لأجله ، وعندما اقتربت أموال أخيه أشار عليها قائلًا : استعدها هي تجارة أخي قادمة ، فإني أراها قادمة من بعيد  .

فقال الرجل الحسود : يا ألهي كيف تراها وهي على كل هذا البعد ؟! ليتني مثلك ، وعندها شعر الأخ بألم شديد في رأسه ، وانطفأ نور عيناه وعُمِي في الحال ، وسارت أموال وتجارة أخيه من غير أن يمسها هذا الرجل بأي سوء ، فما أبشع نهاية الطمع والحسد .

الدروس المستفادة من القصة :
أن المسلم إذا كان غنيًا أو فقيرًا ، فعليه أن يحرص على أن يُعَلِّم أولاده كتاب الله وسنة الرسول صلَّ الله عليه وسلم ، ويعلمهم الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة حتى إذا ترك لهم المال لا يطمع أحدهم فيما عند أخيه ، ولا يستعمل أحدهم المال في معصية الله عزَّ وجل .

أن المسلم إذا ورث مالًا فعليه أن يُحسَن استخدام هذا المال في مصالحه الدينية والدنيوية فلا ينفق المال في معصية الله عزَّ وجل ، ولا يكون مبذرًا عند إنفاقه بل يكون معتدلًا في الإنفاق .

أن المسلم لا ينبغي أن يحسد أحدًا على ماله أو سيارته أو أي شيء من أمور الدنيا ، لأن الدنيا لا تساوي عن الله جناح بعوضة بل ينبغي أن يتنافس مع غيره في حفظ القرآن وطلب العلم والعبادة حتى يرتقي في أعلى درجات الجنة يوم القيامة .

By Lars