قصة زيف من روائع القصص الكازاخي ، للكاتب الشهير المعاصر ناصر فاضلوف ،
ولد عام 1929م ، في منطقة تركستان بجمهورية كازاخستان ،
نشرت أول أعماله عام 1953م ، وتبعتها كتب وقصص كثيرة ومن أشهر مؤلفاته : النهر الأبيض ،
سرطان ، قصص الربيع وغيرها، ترجمت أعماله من الأدب الكازاخي إلى اللغة الأوزبيكية .
لم تمكنه صحته الواهنة وجسده الممتلئ من إتمام صلاة القيام في المسجد ،
فقام بمساعدة صبي يافع والتزم المشي كعادته بجواره لضعف بصره وعدم قدرته على تمييز الأشياء والألوان .
قصة زيف
الزوجة والاستغراب :
استقبلته زوجته العجوز ، وساعدته حتى جلس في مكانه المفضل ، أسفل النافذة الخشبية ،
وطلب منها شايًا ، ذهبت والأفكار تعصف بها ، ماذا ستفعل ؟ هو يعلم أن بيتهم لايحتوي على أي شيء ،
إلا أجزاء من مفروشات تالفة تغطي أجزاء من مفروشات تالفة ،
تغطي أجزاء من الأرض الترابية وبعض الأواني الصدئة التي نادرًا ما يتم استعمالها ، ومع ذلك طلب شاي .
عدم وجود شيء :
ذهبت تفتش في بقايا وجبة الإفطار التي ترسلها مائدة الرحمن للمنزل يوميًا لهم ،
لعلها تجد فيها شيئًا تقدمه له بدلاً من الشاي ، فعادت بمزيد من الأسى لعدم وجود شيء .
الاستبداد والقهر :
أخرج أوراقه العتيقه وظل يتفحصها قدرالإمكان على بصيص الضوء القادم ، من فانوس الشارع ،
يقلب الأوراق التي حفظها عن ظهر قلب ، وقلبه يتوجع .. كيف يصفونه بالجبن ،
وهو من وقف أمام كل سلطات الاستبداد والقهر ؟ كيف ؟ ولماذا ؟ ولماذا وكيف ؟
حالة الفقر :
ظلت الأسئلة المتلاطمة تتهاوى على روحه المنكسرة ، لكنه حافظ على تحجر الدموع في مقلتيه ، حتى يتألم في صمت ،
شعر بزوجته تلقى عليه النظرات ، فأدرك حيرتها وخوفها على جرح مشاعره ، متذكرًا الخواء الدائم ، وحالة الفقر المدقع لهم .
العار :
زاده الموقف ألمًا وتجدد قلبه بحب إضافي لزوجته الصابرة ، وقرر إنقاذها من حيرتها ، فقال ( لا أريد شايًا ،
استرحت وسأعود لاستكمال الصلاة بالمسجد) .. استوقفه شاب وهك و في طريقه للمسجد ،
وقال له : هل أنت إسماعيل ؟ أجابه : نعم من أنت ؟ أجاب : أنا ابن هذه البلدة التي جلبت لها العار بخيانتك وجبنك .
ظلم وافتراء :
أجاب : أنت تتهمني ظلمًا وافتراء ، وقفتي كانت ضد الاستبداد والظلم ، وحياتي كانت للبحث عن الحرية والكرامة ،
أنت من صناعة الإنجليز ، جلبت لنا الاحتلال وأخذت ثمن خيانتك بالنعيم خارج البلاد .
زيف :
هذه هي محصلة اجتهادهم ؟! ماذا تقصد ؟ أقصد زيف الذين فعلوا كل شيء كي يستقر في أذهانكم أن الثورة هي الفوضى والفتنة ،
وأن الجنة هي الاستقرار ، وأن الشجاعة ستار للخيانة ، وأن طالب الحرية عميل ومتآمر ، اذهب يا بني فأنا مشفق عليك .
نوم أخير :
سأذهب لأنني لا أريد رؤيتك يا ابن .. ، وبصق في وجهه ثلاث مرات أمام جموع كثيرة من الناس وانصرف .. عاد لمنزله صامتًا يجاهد لرؤية أي شيء وليده!
جلس في مكانه تحت النافذة ، ثم تمدد نائمًا ، وزوجته مازالت تلح عليه : ماذا بك ؟ ماذا حدث ؟ ..
دون أن تأتي منه أية إجابات ، ثم أغمض عينيه فخرجت بعد ما تأكدت أنه قد نام .
وفاة :
يومان من البكاء وهي مازالت عاجزة ماذا تفعل ؟ تخشي أن يتعفن جثمانه ، لا نقود معها ،
تبكي مصيبتها والناس بالخارج يستعدون لاستقبال العيد.. كتبت إحدى الصحف الكبرى بخط صغير في أقصى يسار صفحة :
علمنا أن المدعو إسماعيل صاحب الفتنة المشهورة قد توفي منذ أيام .
إقرأ المزيد من القصص على موقعنا