قصة ذو الشعر الأزرققصة ذو الشعر الأزرق

قصة ذو الشعر الأزرق حل الربيع وبدأ الثلج يذوب وفي مثل هذا الوقت من كل سنة ينتقل رعاة مزرعتنا

إلى مراعي ياسي على شاطئ نهر سيرداريا ،

ويقيمون خيامهم هناك والمسافة بين المراعي وقريتنا ليست بعيدة ، تبلغ نحو عشرة كيلومترات .

 

نبذة عن المؤلف :
قصة من روائع القصص الأوزبيكي ، للمؤلف المعاصر ناصر فاضلوف ، ولد عام 1929م

في منطقة تركستان بجمهورية كازاخستان ، نشر أول قصة له عام 1953م ،

ثم توالت قصصه في النشر ومن أشهر مؤلفاته : النهر الأبيض ، سرطان ، ترجمت مؤلفاته من الكازاخي للغة الأوزبيكية .

أذهب إلى هناك مع عمي باتشاخان ، كل يومين إن لم أذهب كل يوم ،

وفي مثل هذا الوقت تفيض مياه نهر سيرداريا على الشواطئ ،

لتغطي الأدغال والبرك المجاورة فيزعق الوز والبط ، ويحول هذه الأماكن إلى سوق طيور .

قصة ذو الشعر الأزرق

أنا وعمي :
اليوم أيضًا كنت أنا وعمي على الجوادين ، في الطريق وقد علق عمي على ظهره بندقية ذات طلقتين بعيار ستة عشر،

وعلى ظهري بندقية ذات طلقة واحدة بعيار عشرين ، كنا نمشي ونتحدث ولما تجاوزنا نهر بوريجار ،

واقتربنا من مراعي ياسي قابلنا رجلان أحدهما يركب فرسًا والآخر يركب حمارًا ، عرفتهمها عندما اقتربنا منهما ،

راكب الفرس هو الأخ قوجقار طبيب بيطري في مرزعتنا ، وراكب الحمار هو الجد عيسى كبير الرعاة .

 

أمر هام :


قال عمي : السلام عليكم باتشاخان وقد أطال تحيته ، فرد الجد عيسى ، وقال: وعليكم ، مجيئك أمر جيد ،

يا أخي هيا بنا لنذهب .. تقدم الجد إلى الأمام وهو يحث حماره ، استغرب عمي وسأل: ماذا حدث ؟

غمر الأخ قوجقار بعينه اليمنى كأنه يقول لنذهب ، سحبنا زمام جوادنا ورجعنا إلى الخلف وفكرنا هناك أمر ما ،

نسير أنا وعمي والأخ قوجقار في صف واحد ، أما الجد عيسى فهو في الأمام قليللًا ، اعتدى الذئب على جواده ،

فقال الأخ قوجقار هادئا: كيف ؟  فقال : سوف نرى الآن .

 

جثة الجواد :


استغربت جدًا قبل الأمس رأيت جواده بجانب الخيمة ، كان واقفًا ويسعى إلى الأمام ، مشى الجد عيسى مسافة قليلة ،

ثم جذب مقود حماره إلى اليمين ، ودخل بين الأشجار القصيرة ، وترجل حتى وصل ووقف بجانب جثة جواده الهالك وترجل الأخر ،

قوجقار وعمي باتشاخان وأعطياني زمامي جواديهما .

 

خوف الجواد :


رأت الخيول جثة الجواد المغطاة بدمه ، فأخذت تصيح من الخوف وتضرب الأرض بأرجلها ،

أكل الذئاب رجل الجواد الخلفية ونصف بطنه وعلى رقبة الجواد المسكين وشفتيه أثر أسنان الذئاب ،

ويبدو أن الجواد صارع الذئاب طويلًا ، وتجمدت عيناه مفتوحتين يا للجواد المسكين .

 

ذو الشعر الأزرق :


رأى الجد عيسى هذا المنظر وهو يرتعش ، وقال : لا لا يمكن تحمل هذا أكثر من ذلك لا بد من اتخاذ اللازم ،

يبدو أنه ليس فعل ذئب واحد ، آه إنها أربعة وأقواها ذو الشعر الأزرق ،

قال الجد عيسى غاضبًا : ويسوؤني أنني لا أستطيع الإمساك به أين الصيادون ، أين الرجال أصحاب البنادق .

 

الخطة للتخلص من الذئب :


ربما أثر هذا الكلام في عمي باتشاخان قليلًا ، فقد أنزل طاقيته على جبينه وحك مؤخرة رأسه ،

وسكت الأخ قوجقار وأخذ كيسه واستخرج منه قارورة  زجاجية ، ووضعها على الأرض كان فيها مادة سائلة سوداء ،

وعلى ورقة ملصقة عليها صورة جمجمة وعظمتين ، ثم أخذ الأخ قوجقار إبرة كانت هذه الإبرة أكبر مما كنت أرى دائما بمرتين أو ثلاث مرات ،

وملأها من القارورة وحقن ثلاثة أو أربعة أماكن في جثة الجواد ، ثم استوى قائمًا وقال : سوف نرى غدًا ،

قال وهو يمسح يديه بالقطن سيرجع الذئب إلى هذا المكان مرة أخرى ، في الليل فإن أكل مات .

 

سنرى غدًا :


لن يأكل يسمونه ذا الشعر الأزرق ، قال الجد عيسى حزينًا : هذا الذئب الأبله حساس جدًا ،

لا يقترب من مكان فيه بندقية ويشم رائحة الدواء السم ويتجنب الفخ ، سوف نرى ،

قال الأخ قوجقار وهو هادئ : لنذهب وسنعود غدًا في هذا الوقت .

 

المفاجأة :


ركبنا وذهب الأخ قوجقار والجد عيسى إلى المراعي ، وذهبنا إلى الصيد ووددنا أن نعود غدًا ،

وصلت أنا وعمي باتشاخان إلى المكان مبكرين ، وقد هطل الثلج على الأرض بمقدار شبر ،

وانحنت غصون الأشجار من ثقل الثلج وعلى الثلج آثار الصيد هناك ثلاثة أو أربعة آثار أكبر من أثر الكلب ربما لذئب.

عندما وصلنا إلى مكان الجثة فاجأنا حدث غريب ، فقد غطى الثلج جثة الجواد ،

ويبدو أن الذئاب أكلت منها ومزقتها عندما سحبتها من طرف إلى آخر وعلى بعد عشرة أمتار منها تجمد ذئبان ،

مثل الشمع أحدهما فوق الآخر ، وذهبنا قليلا فوجدنا ثالثًا تحت شجرة ،

لما رأينا كل هذا وصل الجد عيسى والأخ قوجقار ، وقالو : ماذا حدث ، هل حدث شئ ما ، فقلنا : قتل ثلاثة .

 

الذئب الماكر :


ذهب الجد عيسى وشاهد ثلاثة ذئاب ، وقال: أما قلت لكم ليس هنا ذو الشعر الأزرق ،

قام هذا الذئب الماكر بحيلة هنا أيضًا ، ماذا سنفعل ! سوف نلاحقه لن يغادر بعيدًا ،

ويترك الذئاب لأنه تعود على هذا المكان ، قال الأخ قوجقار: إضافة إلى أن جثث جرائه هنا.

 

الكلب آق شونقار:


قال عمي باتشاخان : لا بد أن نلاحقه اليوم ، فهو يتجنب الفخ ولا يأتي إلى مكان فيه بندقية ويشم رائحة الدواء ،

هناك طريقة فلنوجه خلفه كلبًا ، والكلب يأخذه ولن ينجو ، يا منصور اذهب إلى القرية وأحضر الكلب آق شونقار .

تنفيذ المخطط البديل :


اتجهت إلى القرية لأحضر آق شونقار وعندما عدت به كانت الشمس قد ارتفعت بمقدار شجرتين ،

أخذ عمي باتشاخان زمام آق شونقار وأعطاه للجد عيسى وقال : كما اتفقنا أيها الشيخ ،

وأخذ بندقيته ذات الطلقتين وأعطاها للجد عيسى ، وقفز على جواده واضاف : سوف توجه آق شونقار بعد إشارتي .

ركب الأخ قوجقار أيضا على جواده بمهارة ، لو كان فارس أو فارسان لكان جيدًا قال الجد عيسى قلقًا ،

من أين نجد بضعة فرسان في ذروة الموسم هذه ؟ لا تقلق أيها الشيخ ،

سوف ننجح  قال الأخ قوجقار وهو يطمئن الجد عيسى ، علينا أن نجده أولًا .

 

الملاحقة :


على كل حال يوفقكم الله ، قال الجد عيسى ومسح وجهه بيديه ، مروا بدغل هناك إن لم يكن هناك ابحثوا عنه في خميلة ،

على شاطئ النهر له جحر هناك ، جرى عمي باتشاخان والأخ قوجقار راكبين على جواديهما في اتجاه نهر بوريجار وفي يد كل منهما هراوة ،

بقيت أنا والجد عيسى في المكان وكان من الممكن أن نذهب نحن أيضًا ، ولكن متى سمعتم عن أحد يلاحق ذئبًا وهو راكب على حمار .

 

في الأدغال :


دخل الفارسان في قعر دغل سريعًا وتحول كل جسمي إلى أذن ، ألتفت وأنظر إلى أي شئ يصدر صوتًا ،

تهب نسائم الربيع بهدوء وبدأت أعشاب جديدة تنمو من تحت الأعشاب القديمة .

حميرنا لا تقف في مكان وهي تأكل نبات الشيح ،

ويرفع آق شونقار أذنيه وينظر حيث ذهب الفارسان كأنه يحس شيئًا ما ومن حين إلى آخر يخرج لسانه ويلعق شفتيه ويقعد ويتحرك من دون صبر .

 

قلق الكلب :


الجد عيسى ينظر إلى نهر بوريجار ، ويطير في السماء طير أسود كأنه يسبح وتغرد في مكان ما قبرة في هذا الوقت ،

سمعت أصواتًا تطرد بدأت أقلق ، اهتز آق شونقار وهو ينظر حيث جاءت الأصوات ،

والجد عيسى يكاد يسقط عن حماره ، عدل الجد نفسه بسرعة ولف زمام الكلب في يده ومسكه بقوة ،

أما آق شونقار فيضرب الأرض ويحاول أن يجري إلى الأمام .

 

ظهور الذئب :


فجأة خرج الذئب من الدغل القريب من النهر، وبدأت يقترب من جهتنا وهو يسرع ، أما الأخ قوجقار وعمي باتشاخان ،

فقد تأخرا كثيرًا عندما اقترب الذئب منا صاح الجد عيسى بصوت عالي ، ولم تبقى عندي قوة لأصيح الحمد لله !

سمع الذئب صوت الجد ومال إلى مراعي ياسي وصل الفارسان سريعًا ،

لاحقه الفارسان وأصواتهما كأنها أصوات عشرة أشخاص أو خمسة عشر شخصا يلاحقانه في المراعى وهما يصيحان بصوت عالي .

 

هروب الذئب :


ابتعد الذئب والفارسان خلفه بسرعة يكاد الجد يفقد صبره ويقول : كان من المفروض مطاردته من طرف واحد ،

ماذا يحدث إذا طارداه من طرف واحد أيها الشيخ ، في هذه الحالة لا يستطيع أن يبتعد ويضيع طريقه ولن يغادر،

قال الجد ووضع كفه على جبينه لا تستطيع عيوني أن تراه انظر هل تراه ؟ نعم هناك أحد الفارسين قطع طريقه ، أحسن الأمر سيكون هكذا .

 

ذو الشعر الأزرق بحجم الحمار :


سأل الجد الفارسان : في أي جهة من الذئب ، فقال : على يمينه لماذا تسال أيها الجد ، فرد الجد : سأقول فيما بعد ،

دار الذئب واقترب من جهتنا مرة أخرى في هذه المرة ، تمكنت أن أسيطر على نفسي ،

وبدأت أشاهده من قريب ، إنه فعلا يناسب اسمه ذور الشعر الأزرق ، وهو فعلًا كان كبيرًا جدًا مثل الحمار .

 

تضييق الخناق على الذئب :

قصة ذو الشعر الأزرق
سمعت عن الذئاب كثيرًا ، ولكن لم أرى ذئبًا من قريب ، هاهو يقترب من مكاننا وقد أخرج لسانه ويبتعد هاربًا ،

وهو ينظر إلى الفارسين عن يمينه ، في هذه المرة صحت بكل صوتي مع الجد عيسى ويبدو لي أن ركض الذئب .

لم يعد خفيفًا مثلما كان في البداية ، تعب الذئب في رأيي دار مرة أخرى وهرب من الطريق نفسها ،

بقي آق شونقار في مكانه مرة أخرى وهو يسعى إليه ، ألا توجهه إليه أيها الجد ،

حتى يتعب تماما ، فقال الجد وهو يحك ذقنه : ثم ستكون مهمة آق شونقار سهلة فربما يجرح آق شونقار .

 

لن يهرب :

قصة ذو الشعر الأزرق
لما دار الذئب مرة ثالثة ، رفع عمي باتشاخان قبعته وهو ينظر إلينا وفتح الجد عيسى الزمام من طرفه ،

وخرج الحبل من الحلقة على رقبة كلب الصيد وبقي في يد الجد عيسى وقفز آق شونقار إلى الأمام ،

وسرعان ما لحق الذئب ذا الشعر الأزرق وعضه من مؤخرته ، ونظر الذئب إلى الوراء وصاح وواصل جريه ،

كأن شيئًا لم يكن، أصيح أنا ويصيح الجد عيسى ونحث حميرنا ونلاحقه .

والآن انتقلا إلى الجانب الأيسر تشنجت رقبته يقول الجد عيسى وهو يصيح ،

ويحث حماره : انتبها لا تدعاه يهرب ، هذا اللعين خطير جدا ، لن يهرب قطع آق شونقار رجله الخلفية .

 

وأخيرً موت الذئب :

قصة ذو الشعر الأزرق
والآن نطلق عليه رصاصًا أيها الشيخ أعطني البندقية ، أخذ الجد عيسى البندقية وأعطاها لعمي باتشاخان ،

عندما صوب عمي البندقية أغلقت عيني من غير إرادة ، أطلقت طلقتان متتاليتان ، وصاح الذئب صيحة قصيرة ،

وسكت عندما فتحت عيني وجدت الذئب ذا الشعر الأزرق ، مغطى بدمه مستلقيًا بين الأشجار ،

هكذا انتهى عمر الذئب الوحش ، الذي أقلق الرعاة في مراعي ياسي ،

وظهرت الابتسامة على وجه الجميع ، وأخذ الجد عيسى سكينه ليسلخ جلد الذئب ، ذي الشعر الأزرق .

إقرأ المزيد من القصص على موقعنا

تابعونا على الفايسبوك

By Lars

error: <b>Alert: </b>Content selection is disabled!!